مدونات الطلبة

إلغاء الدفع قبل التسجيل: خطوة للأمام

تسنيم فرج

احتجاجات طلبة الجامعة الأردنية المطالبة بخفض الرسوم الجامعية وإلغاء قرار الدفع قبل التسجيل عام 2014، المصدر: ذبحتونا

انحدر من أسرة متوسطة مكونة من سبعة أفراد حيث يسعى والدي، وهو سائق سرفيس، لتوفير حياة كريمة تمكننا من نيل حقوقنا، على رأسها التعليم الجامعي. هذه المهمة التي أصبحت أصعب يومًا بعد يوم بسبب ارتياد اختي للجامعة بعدي وتحمل والدي لتكاليف دراسة شخصين في الوقت ذاته، بالاضافة لتكاليف دراسة أخي الثانوية العامة من مراكز وأستاذة خصوصيين. في دورة القبول الموحد للمنح والقروض عام 2022، قررت وزارة التعليم العالي السماح للطلبة الملتحقين في البرنامج العادي وعلى نفقتهم الخاصة بتسجيل المساقات الدراسية للفصل الدراسي الثاني بدون اشتراط مسبق لتسديد الرسوم الجامعية.

احتفى الطلبة بقرار إلغاء “الدفع قبل التسجيل”، حيث جرت العادة أن تشترط  الجامعة على الطلبة دفع رسوم الجامعات والساعات الدراسية قبل موعد التسجيل الموجود على بوابة الجامعة. تتراوح مدة الدفع للطلبة ما بين أسبوعين، بحسب الجامعة، عليهم أن يؤمّنوا خلالها آلاف الدنانير خصوصًا إذا كانوا غير منتفعين من أية برامج منح أو قروض. وحتى إذا كانوا قد فقدوا الأمل بالقبول في هذه البرامج، فإن الطلبة بلجؤون للتسجيل فيهم كل فصل للاستفادة من مدة تمديد دفع رسوم الساعات والاكتفاء بدفع رسوم التسجيل -البالغة 55 دينار- لحين إعلان النتائج. 

تشترط الجامعات الدفع قبل التسجيل تجنبًا لانسحاب الطلبة من المواد المسجلة بدون محددات، وللعوائق التي قد يتسبب فيها الحجز العشوائي للشعب. إلا أن هذه الأزمة لا تبرر للجامعة تضييق الخناق على الطلبة وأهاليهم في ظل الظروف الصعبة، حتى لا يضطر الطلبة لتأجيل دراستهم والانقطاع عنها لتأمين التكلفة المالية. اضطرت زميلة لي في كلية الهندسة التكنولوجية في جامعة البلقاء التطبيقية لتأجيل فصل دراسي، وبالتالي تأخير تخرجها، بسبب عدم قدرتها على تأمين رسوم الساعات بعد أن تأخرت في التسجيل وتحملت غرامة قدرها ١٥ دينار. 

تتفاقم الأزمة في الأسر التي يرتاد فيها أكثر من شخص الجامعة، وهو ما يزيد الأعباء المالية على الأهالي. عندما دخلت الجامعة عام 2019، كانت أختي على مقاعد الدراسة أيضًا، وبعد عام، سينضم لنا أخي الأصغر إذا تمكّن من اجتياز امتحان الثانوية العامة. تكرّس فكرة الدفع قبل التسجيل العقلية المادية للجامعات وعدم استجابتها للظروف الاقتصادية التي يتأثر بها كل شرائح المجتمع، في حين يمكنها اقتراح حلول بديلة لذلك مثل تمديد مدة الدفع أو إلغاء الدفع قبل التسجيل أو إمكانية تقسيط الرسوم أو شمول جميع الطلبة في المنح والقروض. 

ناضلت الحركة الطلابية في الجامعات الاردنية في ملف إلغاء الدفع قبل التسجيل، دفاعًا عن حقهم في التعليم المكفول بموجب الدستور. حيث نظمت القوى الطلابية في 2014 و2016 و2021 وقفات مختلفة في الجامعة الاردنية رفضًا لقرار الدفع قبل التسجيل وتمكنت من إسقاط القرار في فصول محددة. خلال أزمة كورونا، تقدم الطلبة في جامعة البلقاء التطبيقية ببيان يطالب إدارة الجامعة بمراعاة ظروف الطلبة وذويهم وتمديد مدة الدفع وإلغاء رسوم الغرامة أو تأجيل الدراسة في فترة التعليم عن بعد، لكن الجامعة لم تُحرك ساكنًا.

لا يحظى الطلبة المشغولين بجمع رسومهم الدراسية والقلقين بالديون التي يتحملها أهاليهم بفرصة متكافئة لاختيار موادهم ومحاضريهم، لأنهم حتى عندما يتمكنون مع دفع الرسوم، يكون ذلك في آخر لحظة من التسجيل واختيار الشُعب. في حين يلجأ بعضهم للعمل مع الدراسة من أجل تأمين هذه التكاليف، ناهيك عن الآثار النفسية والصحية على حياة الطلبة وتعليمهم. الجامعات ليست شركات والتعليم يجب أن يكون مكفولاً للفقراء أيضًا، ولذلك، يجب أن يعمل الطلبة على ضمان استمرارية تطبيق إلغاء الدفع قبل التسجيل في الفصول القادمة. 

زر الذهاب إلى الأعلى