مدونات الطلبة

اﻟﻔﺠﻮة ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺮﺟﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ وﻣﺘﻄﻠﺒﺎت ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ

سارة الشيخ عمر

جانب من تخريج الفوج الثالث والخمسين صيف 2018 في الجامعة الأردنية

بلغت ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺣَﻤَﻠﺔ اﻟﺸﻬﺎدات اﻟﺠﺎﻣﻌﻴّﺔ بحسب داﺋﺮة اﻹﺣﺼﺎءات اﻟﻌﺎﻣّﺔ 24.4٪ ﺧﻼل اﻟﺮﺑﻊ اﻷول ﻣﻦ ﻋﺎم 2019. ﻓﻲ العام ﻧﻔسه، أﻓﺎد دﻳﻮان اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ أن اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺮاﻛﻤﻲ ﻟﻄﻠﺒﺎت اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺪة ﺑﻴﺎﻧﺎت اﻟﻤﻜﺘﺐ تجاوز 388 ألف ﻃﻠﺐ ﺗﻮﻇﻴﻒ، و36 ألف طلبًا ﺟﺪﻳﺪًا، فيما ﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﺘﻌﻴﻴﻨﺎت 8 آلاف ﺗﻌﻴﻴﻨًﺎ، أي ﻣﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ 3٪ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻟﻄﻠﺒﺎت. تعزو الأدبيات البحثية تحديّات دخول الشباب الأردني لسوق العمل بالفجوة ما بين متطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم الجامعي. 

يناقش هذا المقال قضيّة مُطابقة مهارات الخريجين/ات الأردنيين/ات لسوق العمل في ضوء اﺳﺘﻄﻼع رأي شارك به 75 ﻃﺎﻟﺒﺎ وﻃﺎﻟﺒﺔ ﺟﺎﻣﻌﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻟﻠﺪراﺳﺔ، أو ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻲ اﻟﺘﺨﺮج اﻟﺤﺎﺻﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﺑﻠﻮم اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ أو اﻟﺒﻜﺎﻟﻮرﻳﻮس ﻣﻦ ﺗﺴﻊ ﺟﺎﻣﻌﺎت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ. كما يقدم المقال توصيات لصناع اﻟﻘﺮار ﻓﻲ وزارة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ واﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻷﺧﺮى ذات اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺣﻮل أﺑﺮز اﻟﻤﻬﺎرات اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﺸﺒﺎب اﻷردﻧﻲ ليحظى بفرص اﻠﺘﻮﻇﻴﻒ واﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ.

يرى 82.7% من اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ أن اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻟﻤﻬﺎرات اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﻞ، ﻛﻤﺎ أن ﻋﺪم ﺗﻮﻓﺮ دورات ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﺑﺎﻟﻤﻬﺎرات اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻳﺸﻜّﻞ ﻋﻘﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺗﻔﺎﻗﻢ ﻣﻦ ﻗﺼﻮر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ. تشمل هذه المهارات اﻟﺘﻮاﺻﻞ، واﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار، وﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻼت، واﻟﺘﻔﻜﻴر اﻟﻨﻘﺪي، واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻹﺑﺪاﻋﻲ، واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ، واﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، واﻟﻮﻋﻲ اﻟﺬاﺗﻲ، وﻫﻲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻬﺎرات ﻻ ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﻴﻦ ﺿﻤﻦ دراﺳﺘﻬﻢ. 

ولذلك، ﻳﺮى 53.3% من الطلبة أن اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻠﺨﻄﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ – إن وجد- لا يتطابق ﻣﻊ احتياجات ﺳﻮق اﻟﻌﻤل، بالإضافة لـ %29.3 من الطلبة الذين يعزون الظاهرة لغياب المساقات التعليمية المتخصصة. في حين تتنوع بقية الأسباب ما بين كثرة عدد الساعات والمتطلبات الدراسية خارج مجال التخصص وعدم وجود/فعِاليّة قسم متابعة الخريجين وشؤونهم بعد التخرج. تتوزع المساقات التعليمية التي اقترحها الطلبة المشاركون في الاستطلاع ما بين التدريبات التطبيقات المتعلقة بتخصصهم العلمي، وتدريبات التأهيل لسوق العمل وريادة الأعمال والتمكين الاقتصادي، وأخيرًا مهارات التواصل والعمل الجماعي والبحث عن عمل (النسب على الترتيب: 73%، 15%، 12%). 

ذكر ﻣﻘﺎل ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺒﺎت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻫﻞ اﻟﺨﺮﻳﺠﻴﻦ أيًا كان ﻣﺠﺎل دراﺳﺘﻬﻢ ﻟﺴﻮق اﻟﻌﻤﻞ، وﺗﺸﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺪرﻳﺒﺎت اﻟﻤﻘﺘﺮﺣﺔ مهارات التواصل وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واللغات واﻟﺘﺮﺟﻤﺔ واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺴﻜﺮﺗﺎرﻳﺎ، بالإضافة لمهارات الابتكار والابداع ومحو الأمية الإعلامية الرقمية. تفصل هذه المهارات بين ﻧﻮﻋﻴﺔ الخريجين، وﺗﻠﻌﺐ دورًا مهمًا في ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﺮد، إذ ﻳﺮﻏﺐ ﻣﻌﻈﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﻇﻴﻒ وﺗﺮﻗﻴﺔ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻮﺛﻮق ﺑﻬﻢ واﻟﻤﻮﺟﻬﻴﻦ ذاﺗيًا وأﺻﺤﺎب ﻣﻬﺎرات اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ.

ﻳﻌﺘﻘﺪ رﺋﻴﺲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﺮاء اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻧﻌﻤﺎن اﻟﺨﻄﻴﺐ أن اﻟﻔﺠﻮة ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺮﺟﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ضعف سياسات وقرارات ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ. ويشير ﻋﻠﻲ أﺣﻤﺪ، ﺻﺎﺣﺐ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻓﻊ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ، أن اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺨﺮﻳﺠﻴﻦ اﻟﺠﺪد ﺑﺴﺒﺐ اﻓﺘﻘﺎرﻫﻢ ﻟﻠﻤﻬﺎرات اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ، موضحًا أن “ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺪرﻳﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻋﺎت اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﻳﺨﺘﻠﻒ تمامًا ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ”، الأمر الذي ﻳﺸﻴﺮ لضعف اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪراﺳﻴﺔ وتركيزها على الجانب النظري وﻋﺪم ﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻮاﮐﺐ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺘﻘﻨﻲ. 

في ضوء هذه المخرجات، يوصي هذا المقال بدﻣﺞ مهارات سوق العمل واﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻌﻤﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﺟﻤﻴﻊ تخصصات اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ واﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺷﺮﻃًﺎ ﻟﻠﺘﺨﺮج، سواء من خلال إﺿﺎﻓﺔ ﺳﺎﻋﺎت ﺗﺪرﻳﺒﻴﺔ أو إﺿﺎﻓﺔ ﻓﺘﺮة ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻌﻤﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ اﻷﺧﻴﺮة أو زﻳﺎدة ﻋﺪد ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻌﻤﻠﻲ اﻟﻤﻮﺟﻮدة وﺟﻌﻠﻬﺎ ﺑﺪﻳﻼً ﻟﺴﺎﻋﺎت المتطلبات اﻹﺟﺒﺎرﻳﺔ واﻻﺧﺘﻴﺎرﻳﺔ، واﻟﺘﻲ غالبًا ما ﺗﻜﻮن ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﺗﺨﺼﺺ واهتمام الطلبة. كما يوصي المقال بتشجيع اﻟﻄﻼب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻄﻮﻋﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ الانشطة الطلابية أو شراكات القطاع الخاص والمراكز الشبابية، حيث يتمكنون من صقل شخصياتهم وتطوير مهاراتهم. 

يستند هذا المقال لورقة سياسات “مطابقة مهارات الخريجين الأردنيين مع سوق العمل أعدتها الباحثة سارة الشيخ عمر في شباط 2023 ووافقت على مشاركتها بشكل مختصر عبر مدونة الحراك. يمكنكم الإطلاع على ورقة السياسات كاملةً عبر الرابط.

زر الذهاب إلى الأعلى