مدونات الطلبة

لماذا انسحبتُ من مجلس الطلبة؟

عبدالرحمن الدجاني

بطاقة عضوية مجلس الطلبة في جامعة الزرقاء الخاصة وطالب كلية التمريض عبدالرحمن الدجاني، 2023

في 24 شباط 2022، تمّت تزكيتي لأكون عضوًا في مجلس الطلبة بالتحديد لجنة القضايا الطلابية، ووقفتُ أمام رئيس الجامعة ومسؤول النشاط الطلابي وعميد شؤون الطلبة، وأقسمت على كتاب الله “أن أكون مُخلصًا للملك والوطن والجامعة وعلى أن ألتزم تمامًا بقوانين الجامعة وأنظمتها وتعليماتها وقراراتها وأن أعمل بموجب تعليمات مجلس الطلبة والله على ما أقول شهيد”. بعد مرور ثمانية أشهر على هذا القسم وإيفاءً له، أعلنتُ في منشورٍ على الفيسبوك انسحابي من عضوية اتحاد طلبة جامعة الزرقاء الخاصة. 

اسمي عبد الرحمن الدجاني، 21 سنة، بدأتُ دراسة تخصص التمريض في جامعة الزرقاء عام 2020 بعد أن حصلتُ في الثانوية العامّة على معدل 70.6% في التخصص العلمي. ومنذ اليوم الأوّل، آمنتُ أنّ الجامعة مكانًا أكبرَ من تلقّي المحاضرات والمساقات الدراسية، بل مساحةً أطالبُ فيها بحقي وأساهمُ ببصمتي، ولذلك، قمتُ برفقةِ 15 زميلًا وزميلة من دفعتي بتأسيس الفريق التطوعي “اترُك أثر”. بعد عقد أوّل فعالية للفريق وهي تدريب للغة الإنجليزية، استدعتني الجامعة بعد مراجعتها للكاميرات للاستفسار عن النشاط، وقرّرتُ التوجه للعمادة لتسجيل الفريق رسميًّا. 

حذّرني العميد، الأستاذ الدكتور ماجد المساعدة، من عقد فعاليات كهذه لأنّها قد تعرضنا للمسائلة القانونية، ورفضَ تسجيل فريقنا بشكلٍ رسمي، إلّا أنّه اقترح علينا العمل ضمن نادي كلية التمريض. ترأستُ نادي التمريض في انتخابات طلابية لاختيار أعضاء الهيئة الإدارية والهيئة العامة، وشكّل وسيلتنا الوحيدة لاستكمال نشاطنا الجامعي خصوصًا بعد غياب العمل الطلابي حتى من قبل جائحة كورونا. عقدنا في النادي أنشطة أكاديمية مثل الزيارات التعليمية وتنظيم حفل القسم، إلّا أنّه لم يتح أية مشاركة سياسية أو مساحة مسائلة حقيقية. 

مطلع شباط 2022، دعانا العميد لاجتماع يخبرنا فيه بصدور قرار من مجلس الأُمناء بتزكية رؤساء الأندية الطلابية ليصبحوا أعضاءً في مجلس الطلبة، مع الحفاظ على مسؤوليتهم في رئاسة الأندية. كان عدد الأندية الطلابية وقتها 12 ناديًا (موزعًا على 12 كلية في الجامعة)، وتم تنسيبي من مسؤول النشاط في لجنة القضايا الطُلابية، برفقة 11 زميل آخر، ستّة منهم في الهيئة الإدارية وخمسة في الهيئة العامة. 

لم اخترْ اللجنة التي أكون جزءًا منها ولم استسغ طريقة التعيين في المجلس، وسألت العمادة حينها “كيف أمثّل الطلاب بدون أن يكونوا قد اختاروني؟”، لكن الجامعة أخبرتنا أنّ عقد الانتخابات غير ممكن حالنا حال الجامعات الأخرى، وفكّرتُ حينها بالصلاحيات الأوسع التي سأحظى بها كعضو مجلس من أجل خدمة الطلبة وتمثيل قضاياهم والحصول على موافقات عقد الأنشطة. 

خلال ثلاثة أشهر من دورة المجلس التي تستمر لسنة (فصليين دراسيين)، عقد المجلس تبادلًا للكتب ونظّم رحلات ترفيهية وثقافية للطلبة، وهي أنشطة لا تحتاج مجلس طلبة لعقدها وسقفها أدنى من الأنشطة التي عُقدت قبل وجوده. في أيار 2022،  تفاجأ طلبة جامعة الزرقاء بتغيير موقف باصاتهم من مجمع رغدان في المحطة إلى المجمع السياحي في وسط البلد، بحجّة وجود حفريات قرب مصف باص الجامعة وتكبّده مخالفات مرورية إثرها، ولذلك أصبح الطلبة يتحملون “مواصلة” إضافية في طريقهم للجامعة. 

عندما وصلتني شكاوى الطلبة المتزايدة، كانت هذه القضية فرصتي لاختبار صلاحياتي ودوري في المجلس، وقمت برفع كتاب رسمي إلى العمادة بتاريخ 18 ايلول لإعادة النظر في موقع الإنطلاق الجديد لما سبب من مشاكل وتحديات تستنزف وقت وجهد ومال الطلبة. قدّمت الجامعة الوعود الشفوية لحل المشكلة لكنّي لم استقبل ردًّا على الكتاب الذي قدمته، خصوصًا أنّ زملائي في المجلس لم يثقوا بقدرتهم على تبنّي القضية وإعادة موقف الباصات لمكانه الأصلي. 

الكتاب الرسمي الذي تقدم به عبدالرحمن لعمادة الجامعة حول تغيير موقف الباصات/ عبدالرحمن يؤدي قسم مجلس الطلبة يوم تعيينه شباط 2022

حتى على الصعيد الشكلي، لم يمارس مجلس الطلبة دوره. في 26 تشرين الأول، تعرّض باص الجامعة لانقلاب في حادث مروري ذهب ضحيته ثلاثة من طلبة الجامعة هم عبد الرحمن دواسه، ووعد صالح، وآية ياسين. أثارت الحادثة غضب الطلبة ولم يحرّك المجلس ساكنًا بخلاف تقديم طلب عقد صلاة الغائب عن أرواح الطلبة. وبعد أن وافقت العمادة على الفعالية ونص الدعوة وحددت موعد نشرها، نشرت دعوة أخرى للصلاة قبل الموعد الذي حددته لنشر دعوة مجلس الطلبة، ومن ثم هاتفت أعضاء المجلس للمشاركة في الوقفة. 

لم أحتمل أنّ العمادة لم تمنح المجلس هذا الموقف البسيط وتحكّمت بكافة مجرياته وتفاصيله، بدلًا من أن تكون هذه الحادثة مُحرّكًا للطلبة في ملف المواصلات. أدركتُ أن عضويّتي في لجنة القضايا لا تمثّل صوت الطلبة ودعوت زملائي في المجلس لتسجيل موقف بالانسحاب منه، لكنّهم رفضوا. نشرتُ على صفحتي الشخصية بعد خمسة أيام من الحادث “أُعلن انسحابي التام من مجلس الطلبة وذلك بسبب التهميش الذي تعرّض له المجلس في الفترة الماضية من أصحاب القرار والاختصاص”. استدعاني العميد في اليوم التالي واصفًا منشوري بـ “التحريض”، وطالبًا منّي “مسح البوست ونشر اعتذار للعمادة”، مهددًا بتحويلي للجنة تحقيق. 

انقلاب باص جامعة الزرقاء في تشرين الأول 2022 والذي تسبب برحيل ثلاثة طلبة

قدّمتُ كتابًا رسميًّا باستقالتي عرفت أنّه مقبول بعد أن وصلتني رسالة على الواتساب “تمت إزالتك من جروب مجلس الطلبة”، وشعرت أنّ هذا أقل ما أقدّمه حتى لا يكون وجودي في المجلس مجرّد منصب استعراضي. إذا لم يكن مجلس الطلبة وسيلة لتمثيل الطلبة فهو عقبة في طريق قضاياهم بل أداة بيد السلطة لتنفيذ قراراتها، وهو ما بدا جليًّا مع انتهاء دورة المجلس في شباط 2023، إذ لم يتمكن من تمثيل واحدة من قضايا الطلبة الجوهرية التي تتجاوز الأنشطة الخدماتية وتسائل انتهاك حقوقهم وإزهاق أرواحهم بما هو أكثر من صلاة الغائب. 

كثيرًا ما نظن أنّ مجلس الطلبة هو المخلص الوحيد لممارسة الأنشطة إلّا أنّ العمل الطلابي ليس حكرًا عليه، وبحسب تجربتي، فإنّ الانسحاب منه أحيانًا يعتبر مشاركة طلابية أكثر من الانخراط فيه. في اليوم التالي من استقالتي، صافحني بعض الطلبة مهنئين موقفي، ورأيت في عيونهم احترامًا أكبر من الاحترام الذي شعرت به عندما تم تعييني. 

زر الذهاب إلى الأعلى