مدونات الطلبة

كتلة الكرامة: مواقف ثابتة من القضايا الحقوقية والوطنية

مهند الحديد

* هذا المقال هو جزءٌ من ملف تعريفي بأبرز الكتل الطلابية في الجامعات الأردنية، تعدّه المدونة الطلابية بالتعاون مع الكتل بهدف تعريف الطلبة المستجدّين بالأطر الطلابية التنظيمية التي يمكنهم الانخراط بها والمشاركة في أنشطتها. 

جاءت كتلة الكرامة الطلابية الوطنية من نبض الشارع الطلابي في الجامعة الأردنية لتعبّر عن الطلبة دون أي قيود، مُنطلِقةً من ثوابت واضحة تتمثّل في إعلاء مصلحة الأردن ومصلحة الجامعة الأردنية دون محاباة أو مجاملة، ومستندةً إلى قيم الحرية والمواطنة الحقيقية والوعي، ليمارس الطلبة دورهم الجوهري في بناء الوطن والتفاعل مع قضاياه وقضايا الأمة ودعم مسيرة الجامعة الأردنية لتكون منارةً للعلم والحرية.

انطلقت كتلة الكرامة في أغسطس عام 2018 بعد مشاوراتٍ بين عدد من الفاعلين في الشارع الطلابي رغبةً منهم في أن تكون كتلة من وإلى الشارع الطلابي، دون أن يكون الشباب الجامعي مجرّد ذراعٍ شبابي لمؤسسات وأحزاب وأجهزة من خارج أسوار الجامعة، لتبدأ المناقشات المستفيضة مع عدد كبير من الطلبة ممّن اتفقوا على أنّ الجامعة بحاجة إلى صوت يعبّرُ عن آمالهم وطموحهم نحو دولة تستوعبُ أبناءها بناءً على قدراتهم وإمكانياتهم وقدرتهم على الإنجاز.

تتواجد الكتلة في الجامعة الأردنية فقط، ولا تشكّل امتدادًا لجهة أو مؤسسة خارج الجامعة إذ خرجت الكرامة من عمق الشارع الطلابي ومرجعيتها عقول أبنائها وبناتها. منذ تأسيسها، حقّقت الكرامة انتشارًا واسعًا وشكّلت علامةً فارقةً في العمل الطلابي وصنعت لنفسها اسمًا كبيرًا، وتتواجد الكتلة بأفرقة فرعية في مختلف القطاعات (العلمية، الطبية، الإنسانية) وعلى الرغم من الانتشار الواسع في الجامعة إلّا أنّها لم تتوسّع لغاية الآن لبقية الجامعات، لكن ذلك يبقى جزءًا من خطتها الاستراتيجية عندما يحين الوقت المناسب.

تعمل الكرامة في هيكلها التنظيمي بنظام القِطاعات (حسب الكليات) مع وجود نظام لا مركزي تنطلق فيه أفرقة الكليات للعمل في كل كلية ومن أبرزها الآداب والهندسة والعلوم والعلوم التربوية والفنون وغيرها. تميّزت الكرامة منذ انطلاقتها بالجانب الحقوقي حيث كانت دومًا منبرًا حرًّا للطلبة، وطرحت العديد من القضايا على الساحة الوطنية والجامعية منها سكن الطالبات والابتعاث الجامعي، وتقسيط الرسوم، وصندوق دعم الطالب، والدفاع عن الحريات. 

كما أنّ الكتلة تعمل على الجانب الأكاديمي بصفتها جهةً معاونة للطلبة لتحقيق الفائدة المثلى من التحاقهم بالجامعة مثل تقديم محاضرات مراجعة لبعض المواد وتوفير ملخصات وتجهيز امتحانات المستوى وغيرها. يشكّل الجانب التثقيفي جزءًا جوهريًا من عمل الكتلة من خلال عقد جلسات حوارية بعناوين مختلفة لتعزيز ثقافة الحوار بحضور أحد المختصين في الشأن الذي يُطرَح، وقامت كذلك بإطلاق نادي القراءة الصامت لتستعيد أهمية الكتاب والقراءة وتوسيع مدارك الطلبة، إضافة للندوات والفعاليات الثقافية والترفيهية المختلفة.

أمّا دور الكتلة في اتحاد الطلبة 2024، فلم تدخل تنفيذية الاتحاد بشكل مباشر ولا تمثّل أحد أعضائها داخله، لكنّها كانت جزءًا من تحالفٍ شملَ عددًا من القوى الطلابية في الجامعة، وتسعى دومًا لإنجاح مؤسسة الاتحاد كونها مؤسسة شرعية تمثّل طلبة الجامعة الأردنية. دخلت الكتلة أول انتخابات لها عام 2019، وحصلت على 2815 صوتًا لتحصد ثلاثة مقاعد على مستوى الجامعة، حافظت الكتلة على كتلتها التصويتية إذ حصلت على نفس عدد المقاعد في الانتخابات الأخيرة بعدد من الأصوات بلغ 2965 صوتًا. 

الانتساب للكتلة متاحٌ لكلّ من يرى أنّ الكرامة ومبادئها تمثّله وتعبّر عنه، فهي تتواجد في جميع كليات الجامعة ولديها عدد من الأفرقة الفرعية التي يستطيع كل شخص أن يلتحق بالموقع الذي يشعر أنّه يناسبه، أمّا عن المواقع المركزية، فقد حدّدت الكرامة آلية خاصة تضمن وصول نخبة أعضاء الكتلة إلى تلك المواقع بطريقة عادلة وتؤكّد على وجود الشخص المناسب في المكان المناسب، كما أنّ النظام الداخلي يحدّدُ صلاحيات كلّ موقعٍ ومهامه وآليات التواصل والتصويت وغيرها. 

للكتلة مواقف ثابتة من القضايا الطلابية الحقوقية والوطنية، فهي تعارض رفع الرسوم بشكل واضح، وتتبنّى رؤيةً تُلزم الجامعة والمؤسسات المختلفة بمعالجة الأخطاء واستعادة جوهر استقلاليتها بصفتها جامعةً وطنية، وأن ترتقيَ بنفسها عن الحلول التي من شأنها الإثقال على الطلبة وذويهم، فالوضع الاقتصادي للمواطن الأردني لا يحتمل أن يصبحَ التعليم لمن يملك المال فقط، إنّما هو حق أساسيّ، ولا بدّ أن تبقى الرسوم بمعدلها المنطقي وأن تناسبَ غالبية فئات المجتمع.

ترفضُ الكرامة التطبيع بكافة أشكاله، وخاصة الأكاديمي منه، ولا تدّخرُ جهدًا في سبيل مواجهة ومقاومة هذا الكيان الغاصب عدو الأمة والوطن، كما أنّها لم تتردّد في انتقاد تصرفات عمادة شؤون الطلبة بمصادرة صوت الطلبة وإجبار بعضهم على الاعتذار عبر منصات التواصل الاجتماعي، وقامت برفض ذلك عبر المنصات وعبر التواجد الميداني المباشر، فعمادات شؤون الطلبة لا يمكن أن تتحوّلَ لمحاكم ولا يمكن لها أن تقمعَ صوت الطلبة طالما يحمل نقدًا بنّاءً دون وجود إساءات.

حاول بعض الناشطين في العمل الطلابي عند انطلاقة الكتلة وفي فترات الانتخابات توصيفها بأنّها تحالف عشائري معيّن، لكن ما قدّمته الكرامة على مدار ستة أعوام أثبت وبالدليل القاطع أنّها كتلة لجميع الأردنيين ومنبر يجمع ولا ينظر للتقسيمات الفرعية والمحاصصة. في الكرامة، يرى الطلبة أنّ التحديات هي التي تدفعهم للتقدّم والمضي للأمام، خصوصًا أنّ العمل الطلابي واجه فجوة كبيرة بغياب الانتخابات من 2020 ولغاية 2024 ما تسبّب بتعاقب أجيالٍ لم تنخرط في العمل الطلابي لوجود التعليم الإلكتروني الذي رافق جائحة كورونا، لكن الكتلة رغم ذلك استطاعت أن تحافظ على توازن خطابها وانتشار شعبيتها وكتلتها التصويتية في انتخابات اتحاد الطلبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى