مدونات الطلبة

القبول الموحد ليس موحدًا

بوابة مبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجبيهة، عمان

انتهت دورة الثانوية العامة لعام 2022 بنسبة نجاح بلغت 63.1%، وهي نسبة تفوق نتائج السنوات السابقة وتعبّر عن حوالي 116 ألف طالب وطالبة يتطلعون للالتحاق بعشرة جامعات حكومية و19 جامعة خاصة. ورغم أن التحصيل العلمي هو ما يؤرق الطلبة وأهاليهم خلال العام الدراسي، إلا أنه لا يشكل العامل الوحيد أو الأهم في القبول الجامعي، فمكان السكان أو وظيفة الأب والأم أو عشيرة الطالب أو حالته الاقتصادية تلعب دورًا في فرصة قبوله في التخصص والجامعة.

يعرّف المعجم الوسيط “المكرمة” على أنها “فعل الخير”، لكنها في سياق القبول الجامعي وحسب وثيقة السياسة العامة لقبول الطلبة في الجامعات الأردنية الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فالمكرمة هي مجموعة المقاعد الجامعية المجانية المقررة بنسبة معينة لشريحة من المجتمع تشغل قطاعًا محددًا أو تمتلك استثناءً تحدده الجهة المختصة بنوع المكرمة.

وتتنوع المكارم، حسب ما ذكرته الوثيقة، ما بين مكرمة الجيش; 20% من مقاعد البرنامج العادي لأبناء العاملين في الأجهزة الأمنية والمتقاعدين منهم، ومكرمة أبناء الشهداء المتمثلة ب 15 مقعدُا في كل جامعة، و5% من المقاعد لمكرمة أبناء المعلمين العاملين في وزارة التربية والتعليم والمتقاعدين منهم، و350 مقعدًا لمكرمة أبناء المخيمات، ونسبة 10% لمكرمة أبناء العشائر والأقل حظًا، و150 مقعدًا لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، وعددًا غير مذكور في الوثيقة لأبناء الدبلوماسيين الأردنيين وللطلبة الحاصلين على شهادة الثانوية العامة الاجنبية، وعددًا من المقاعد يحدده مجلس أمناء الجامعة لمكرمة أبناء هيئة التدريس والباحثين وأبناء العاملين والإداريين في الجامعة، أربعة مقاعد في كل جامعة لأبناء العاملين في وزارة التعليم العالي وهيئات اعتماد مؤسساتها.

ويُضاف لما سبق استثناءات أخرى تتمثل ب 5% من المقاعد لحملة شهادة الثانوية العامة من السنوات السابقة، و5% لكلٍ من طلبة الأردنيين المغتربين وحملة شهادة الثانوية الأجنبية، ومقاعد مخصصة للطلبة ذوي الإعاقة، ومِنَح أوائل المملكة والألوية وللمتفوقين رياضيًا وفنيًا. وجميع هذه النسب، ما زالت لا تشمل قبولات البرنامج الموازي أو البرنامج العادي المعروف بالتنافسي والذي يعتمد معدل الطالب فقط معيارًا وحيدًا لقبوله أو رفضه. 

تذكر الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة، “ذبحتونا”، في تصريح  لها “أن طلبة التنافس لا يمثلون سوى 40% من طلبة البرنامج العادي، وإذا ما أضفنا إليهم طلبة البرنامج الموازي، بخاصة في الجامعة الأردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا، فإن طلبة التنافس لا يشكلون أكثر من 21% من مجموع طلبة الجامعة”. تؤثر المكارم على حقوق الطلبة لكون المكرمة تمنح مقاعد استثنائية لفئة محددة وتزيد من فرصهم في الحصول على المقعد أكثر من غيرهم مما يعني غياب العدالة في القبول الجامعي على خلاف ما يحصل في غالبية جامعات دول العالم. 

يعتبر الطلبة المدافعين عن المكارم أنها حق لأبناء الذين خدموا في الأجهزة الأمنية وبذلوا أرواحهم من أجل الوطن، في حين يخشى الكثير من الطلبة الإجابة خشية فقدان المكرمة بعد أن وقعوا تعهدًا وكفالة بالمحكمة يوقف أو يلغي المكرمة في حال تجاوز الطالب مجموعة الشروط المذكورة خصوصًا في تلك المكارم، كمكرمتيْ الجيش وأبناء المعلمين، التي يتلقى فيها الطالب إلى جانب المقعد المجاني راتب شهري. 

يتطلب إلغاء نظام وجود حل بديل للطلبة جميعهم، مثل خفض الرسوم الجامعية ورسوم الساعات، أو تكريم فئات المجتمع هذه بطريقة أخرى لا تمس بمصالح وحقوق أفراد آخرين حتى لا تتسبب المكارم في جعل الدراسة حكرًا للمقتدرين ماديًا أو في إجبار الطلبة على الانخراط في تخصصات لا يحبونها، خصوصًا وأن آباء الطلبة الآخرين قاموا بخدمة الوطن من خلال وظائفهم أيًا كانت. 

تؤثر قبولات المكرمة على مخرجات الجامعات وجودة التعليم وزيادة أحداث العنف الجامعي وتعزيز النزعة العشائرية، وذلك “لوجود الفجوة بين طلبة المكارم وغيرهم من طلبة البرنامج التنافسي”، مع أن التكلفة التي تتحملها الجهات المانحة تفوق الملايين. على سبيل المثال، ذكر مدير التربية والتعليم والثقافة والعسكرية في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية العميد الركن محمد أبو زيد، في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية، أن تكلفة مكرمة الجيش تقدر ب43 مليون دينار سنويًا.

وعلى الرغم من أن الخطة الاستراتيجية لوزارة التعليم العالي تنص في أول أهدافها على “توفير فرص عادلة مبنية على أسس تتمتع بالمساواة للطلبة المؤهلين كافة بناءً على الجدارة والقدرات”، ومن أن الأردنيين، بنص الدستور “أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات” وأن الدولة تكفل “تكافؤ الفرص لجميع الأردنيين” مثلما “تكفل حق التعليم ضمن حدود إمكانياتها”، إلا أن “فعل الخير” لا ضير فيه إن مُنِح لجميع الطلبة حتى لا يعود بعضهم للاعتصام أمام رئاسة جامعتهم وهم يهتفون: “يا للعار يا للعار، باعوا الطالب بالدولار”.  

زر الذهاب إلى الأعلى