
في الخامس عشر من تشرين الأول الجاري، أيّ بعد أسبوع من بدء عملية طوفان الأقصى التي أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 مستوطن صهيوني، أعلنت الكتل الطلابية تأسيس وإطلاق الملتقى الطلابي لدعم المقاومة، بعد عدّة وقفات ومسيرات جامعية خرجت نصرةً لحق المقاومة الفلسطينية في تحرير أرضها، ودعمًا للشعب الفلسطيني في غزة تحت نيران الحصار والقصف. في هذا المقال، تضع المدونة الطلابية أهم الأسئلة التي تتبادر إلى أذهان الطلبة حول الملتقى الطلابي لدعم المقاومة وأهدافه وتحركاته واستدامته، وتلخص الإجابات عليها بناءً على مقابلات صحفية أُجريت مع الهيئة الإدارية للملتقى.
- ما هو الملتقى الطلابي لدعم المقاومة؟ وما هي أهدافه؟
بحسب بيان الإطلاق، جاء الملتقى الطلابي استجابةً لنداء المقاومة وقيادتها التي خاطبت الجماهير العربية والإسلامية للانخراط في طوفان الأقصى وتحرير الأرض والمقدسات، وحرصًا من القوى الطلابية أن تكون على قدر الحدث وجزء مع الحالة الوطنية والمسؤولية تجاه فلسطين. للملتقى ثلاثة أهداف رئيسية؛ هي دعم مقاومة الشعب الفلسطيني بكافة أشكالها ضد العدو الصهيوني، ومجابهة التطبيع الثقافي والأكاديمي وكافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، والتنسيق مع القوى الوطنية والنقابية والحقوقية لدعم المقاومة والدفاع عن ثرى الأردن وتعزيز سيادته ومجابهة كافة المشاريع والأطماع التي تستهدفه.
- هل يمثل الملتقى جميع أطياف الطلبة؟
حتى الآن، يضم الملتقى 46 كتلة وقوى طلابية في عشرين جامعة أردنية حكومية وخاصة هي؛ الجامعة الأردنية (بفرعيها عمان والعقبة) والهاشمية وكلية الهندسة التكنولوجية/ البوليتكنك والعلوم والتكنولوجيا واليرموك وآل البيت والعلوم التطبيقية ومؤته وجامعة الزيتونة والطفيلة التقنية وفيلادلفيا والعلوم الإسلامية والبترا والزرقاء الخاصة و البلقاء السلط والحسين بن طلال والشرق الأوسط وناعور وكليّة الأميرة عالية.
يمثّل الملتقى تقريبًا جميع التوجّهات السياسية في الساحة الأردنية والمتمثلة بالقوى اليسارية والقومية، والقوى الوطنية، والقوى الإسلامية. أدارت الكتل المركزية لأهل الهمة والتجديد العربية والعودة والعهد الطلابي والكرامة تنسيق الملتقى والذي توسّع ليشمل لجانًا وأفرقة أكاديمية وجاليات وتجمعات طلابية مستقلة؛ أبرزها لجنة القدس وفريق حقوق الإنسان.
يهدف الملتقى لتمثيل أكبر عدد ممكن من الطلبة الفاعلة في الدفاع عن القضية الفلسطينية، لكنه ليس وصيًا عليهم ولا يزعم تمثيله لجميع الطلبة ويتفهم الانتقادات والتساؤلات حوله. في ظل غياب اتحادات الطلبة والموقف الموحد للكتل الطلابية لمدّة تجاوزت العاميْن، يعتبر الملتقى نفسه والذي خرج من رحم أحداث طوفان الأقصى أنّه مساحة طلابية مشتركة لرفع سقف حريات التعبير في الجامعات وتعاون الكتل الطلابية لتكون صفًا منيعًا في وجه الاحتلال الإسرائيلي والسياسات التطبيعية.
- ما هي تحركات الملتقى؟
من الناحية النظرية، تركز تحركات الملتقى وفعالياته على دعوة جماهير الشعب الأردني إلى الالتفاف حول مشروع المقاومة ودعمه كسبيل شرعي لتحریر الأرض، ومطالبة الحكومة الأردنية بإصدار موقف واضح يدين العدوان الصهيوني الغاشم والمجرم ويؤكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال واتخاذ الكفاح المسلح طريقًا للتحرير، والضغط على صانع القرار الأردني لإعادة صياغة سياساته تجاه حركات المقاومة، وإلغاء جميع اتفاقيات السلام المبرمة مع العدو بما فيها وادي عربة واتفاقية الغاز واتفاقيات الماء.
وتشمل تحركات الملتقى أيضًا الدعوة لإطلاق يد الحريات العامة، وفتح الساحات أمام الجماهير الشعبية والسماح بالاعتصام في كل بقاع هذا الوطن دون تقييد، وتغيير سياسة الدبلوماسية الناعمة مع العدو المحتل الذي لا يفهم سوى لغة القوة، وإيقاف جميع سياسات التطبيع مع الاحتلال في المؤسسات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية، وإعلان التعبئة العامة وعودة خدمة العلم لتهيئة الشباب للدفاع عن وطنه في وجه العدو الصهيوني.
- لماذا تعليق الدوام؟
كانت أوّل تحركات الملتقى الإعلان عن يوم غضب طلابي يوم الثلاثاء السابع عشر من أكتوبر وتعليق الدوام بين الساعة 11 وحتى الساعة 1 يتخللها وقفات واحتجاجات في الجامعات الأردنية. جاء تعليق الدوام، وهو شكل من أشكال الإضراب، كتحرك نوعي غاب عن ساحة العمل الطلابي خلال الفترات الماضية. تعتقد اللجنة الإدارية في الملتقى أنّ هذا التحرّك قد حقق نجاحًا عبر 15-18 جامعة أردنية شهدت فعاليات وأنشطة وطنية متزامنة ومختلفة بحسب ظروف الكتل وإمكانياتها.
لم يحصي الملتقى بشكل دقيق عدد الطلبة المنخرطين في تعليق الدوام أو المحاضرات التي ألغيت جراء إعلان تعليق الدوام، لكنّه يرى أنّ الإضافة التي قدّمها إلى الوقفات الوطنية التي كانت موجودة حتى قبل إنشاء الملتقى هو وحدة الحالة الطلابية وتعزيز التنسيق بين القوى الطلابية بشكل يتيح تجاوز الخلافات السابقة أو التفصيلية من أجل خدمة قضية عادلة يتفق عليها معظم الطلبة.
بعد يوم من تنفيذ تعليق الدوام، أعلن الملتقى عن المشاركة في إضراب وطني أوسع شمل احتجاجات حاشدة وإغلاق محال تجارية رفضًا للمجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المستشفى المعمداني في غزة. في الرابع والعشرين من تشرين الأول الجاري، نظّم الملتقى ثاني تحركاته؛ وهي سلسلة بشرية شارك فيها طلبة الجامعة الأردنية وغيرهم في الوقوف بجانب بعضهم البعض على الطريق المحاذي للسيارات مقابل البوابة الرئيسية وهم يحملون لافتات تندّد بالتطبيع الأردني الرسمي ووحشية الاحتلال في استهدافه لقطاع غزة.
لا تقتصر تحركات الملتقى على الإضراب والوقفات الاحتجاجية، سواء تلك التي ينظمها بالتنسيق مع الكتل الطلابية داخل الجامعات أو التي يدعو لها خارج الحرم الجامعي مثل واحدة من الوقفات الحدودية. يتطلع الملتقى لإرساء خطة منظمة تدعو لفعاليات أكثر تنوعًا وذات أثر ملموس، مثل دعوات مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني.
- هل واجه الملتقى/ الكتل التي يمثلها أية تضييقات؟
لم يواجه الملتقى أو طلبته تضييقات مباشرة. مع إعلان الملتقى عن دعوة تعليق الدوام، نشرت بعض عمادات شؤون الطلبة في الجامعات الأردنية تحذيرًا للطلبة بعدم الاستجابة لدعوات “الامتناع عن حضور المحاضرات”، بوصفه سلوكًا أكاديميًا غير مقبول ويتعارض مع مدونة السلوك ويشكل مخالفة تستوجب إجراءًا تأديبيًا. أكّدت العمادات ضرورة الالتزام بالقوانين والأنظمة والتعليمات وقيم الجامعة وتقاليدها، وحذرت من أيّ خرق للمبادئ الأخلاقية للسلوك أو القيام بأيّ تصرف يعكّر صفو المسيرة الأكاديمية للطلبة، داعيةً إيّاهم للحصول على موافقة مسبقة حول أيّ فعالية أو نشاط يُعقد داخل الحرم الجامعي.
نشر فريق حقوق الإنسان في الجامعة الأردنية توصيفه القانوني الذي يفنّد إدعاءات العمادة، معتبرًا أنّ حق الطلبة في التعبير عن الرأي يشمل كافة وسائل التعبير طالما كانت هذه الممارسة ضمن إطار القانون، وذلك بموجب المواد ١٥/أ و١٢٨/١ من الدستور الأردني والتي تكفل حرية الرأي وتحول دون التأثير على جوهر هذه الحقوق والحريات أو تمس أساسياتها. تحدّث منشور الفريق أيضًا عن نص المادة ٣/أ من نظام تأديب الطلبة في الجامعة الأردنية والذي لوّحت به العمادة ضمنيًا كسندٍ قانوني للعقوبة. تَعتبر المادة أنّ “الامتناع المدبر عن حضور المحاضرات أو الدروس أو الأعمال الأخرى التي تقضي الأنظمة بالمواظبة عليها” مخالفة تأديبية مستحقة للعقوبة. لكن الفريق ينزع عن هذه المادة صفة الدستورية معتبرًا أنّ نظام “تأديب الطلبة” تشوبه مخالفات حقوقية عدّة.
رصد الملتقى أيضًا ممارسات بعض أعضاء هيئة التدريس الذين حرصوا على تسجيل غياب الطلبة المشاركين في الوقفات الاحتجاجية، سواء بهدف توثيقها أو تمريرها لعمادة شؤون الطلبة. ونشر على صفحته الرسمية قائلًا “نحن معلمون ومربون ولسنا مخبرون”، داعيًا الهيئة التدريسية لتكون جزءًا من هذه الحالة الوطنية. يتوقع الملتقى أن يتعرّض بعض أعضائه لتعقيدات في الإجراءات الإدارية أو دعوات للجان تحقيق بعد انتهاء التحركات أو على المدى البعيد، لكنّه يعتقد أنّ هذا الشكل من التقييد يشكّل نمطًا تقليديًا في مواجهة تحركات الطلبة، معتبرًا أنّه من العار أن تلاحق الجامعات الطلبة الذين يعبّرون عن موقف الشارع الأردني وهمومه الوطنية.
- هل سيستمر الملتقى بعد طوفان الأقصى؟
يتطلع الملتقى ألّا يكون مجرد حالة مرحلية خرجت كردّ فعل أو تحرّك عرضي على حركة التحرر الوطنية، بل جزءًا أصيلًا منها يقود الشارع الطلابي. يشجع الملتقى الكتل والأندية الطلابية المختلفة مهما كانت صغيرة على الانضمام لمظلته، وذلك من أجل انتزاع مساحات تعبير أكبر من تلك المتاحة حاليًا في ظل الظروف السياسية والاقتصادية في الأردن. يبحث الملتقى خيارات استدامة حالة الاحتجاج والاشتباك وزيادة الوعي تجاه القضية الفلسطينية، لكنّه لا يحمّل نفسه أدوارًا تفوق إمكانياته أو تشتت بوصلته كجسم طلابي. صنعت عملية طوفان الأقصى شكل الملتقى وهويته، فحمل اسمه قرار “دعم المقاومة”، لكنه ربما يؤسس لتحرّكات وطنية وحقوقية أكثر شمولًا مثل الاتحاد العام لطلبة الأردن والذي لم يرَ النور منذ عام 1990. على أيّ حال، لا يعتبر الملتقى الطلابي لدعم المقاومة نفسه امتدادًا أو رديفًا للملتقى الوطني لدعم المقاومة، بل حالة مستقلة خرجت بمبادرة طلابية ومنفتحة للتطور والتنسيق مع القوى الوطنية على اختلافها.