
أقرَّ مجلس الوزراء الأردني الأحد، 20 تشرين الثاني، نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبيَّة الطلابيَّة في مؤسَّسات التَّعليم العالي لسنة 2022، كجزء من مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي وضعت مؤخرًا قانون جديد للانتخاب وآخر للأحزاب السياسية، ورد فيه ذكر العمل الطلابي في مادتين، الاولى هي المادة ٤/ج التي تمنع التعرض لطلبة مؤسسات التعليم العالي بسبب الانتماء والنشاط الحزبي والسياسي، والثانية هي المادة ٢٠/أ التي صدر بموجبها نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبيَّة الطلابيَّة.
رغم أن قانون الأحزاب لعام 2007 لا يمنع العمل السياسي داخل الجامعات، إلا أنه فشل في إحداث التغيير في الواقع أو تعديل المادة السادسة من تعليمات الأندية الطلابية التي تحظر “الاشتغال بالأمور السياسية”. جاء إصدار هذا النظام تتويجًا لحقبة من التنظير على الشباب وتمكينهم، ألا أن هناك بُعدان أساسيّان للإشكالية فيه، الأول هو المفردات الفضفاضة والصلاحيات المفتوحة للعمداء، والثاني هو تجاهل أبرز التحديات التي يشهدها الواقعيْن الطلابي والسياسي بدون تقديم أية استجابات منطقية لها.
تشير كلمة “الحزب” في تعريفات النظام للكلمات والعبارات “للأحزاب السياسية المؤسسة وفق قانون الأحزاب السياسية”، رغم أن غالبية الأحزاب الحالية غير قادرة على تصويب أوضاعها وفقًا للاشتراطات الجديدة. تفصّل المادة الثانية من النظام الأنشطة الحزبية التي يحق للطلبة ممارستها داخل الحرم الجامعي حيث تشمل “التوعية والتثقيف الحزبي، والتعريف بالعملية الانتخابية”. توجه المادة 4 أنشطة الطلبة الحزبية لـ “تشجيع المشاركة الطلابية بالعمل العام وبالانتخابات التي تنظمها مؤسسة التعليم العالي”، وكأن أنشطة الطلبة الحزبية جزء من العجلة السياسية الحكومية المتعطلة، أو أن “مقاطعة الانتخابات” عمل وموقف سياسي يمكن للطلبة ممارسته أيضًا.
تتيح خيارات الفعاليات أيضًا “عقد الندوات والمناظرات السياسية”، وهي توصيفات لا تشمل الاحتجاجات أو الاعتصامات، وربما تحظرها بحجة أنها “لا تحافظ على حسن سير العملية التعليمية”. يتوقف سقف طلب إقامة فعالية على موافقة العمادة الخطية على “مكان ووقت النشاط وعنوانه والغاية منه ودعوته العامة ومقدمي الطلب وبرنامجه واسماء المتحدثين”، بحسب المادتين 3 و4. تخول هذه الصلاحيات الواسعة العمادة لإدارة كل الفعاليات وتدخلها في محتواها، كما تقتل إمكانية الاستجابة للأحداث الملحة زمنيًا، إذ تشترط المادة 5 تقديم طلب إقامة النشاط قبل عشرة أيام على الأقل من الموعد المقترح لإقامته.
حتى بعد الموافقة “الخطية” على النشاط، تمتد صلاحيات العميد بحسب المادة 6/د “لإمكانية تعديل زمانه أو مكانه أو برنامجه أو حتى وقف النشاط الحزبي خلال انعقاده” إذا رأى العميد “ارتكاب أي فعل يخالف التشريعات النافذة أو النظام العام”. يشترط طلب تقديم النشاط الحزبي أيضًا موافقة أمين عام الحزب على تقديم طلب إقامة النشاط، وهو ما لا ينسجم مع الطلبة المستقلين الذين يرغبون بعقد الأنشطة، ويحمل تعديًا على صلاحيات الحزب الداخلية. في حين لا يتطرق لفرض الرقابة على أنشطة السفارات الأجنبية السياسية داخل الجامعات، على رأسها السفارة الأمريكية وبرنامج أنا أشارك.
لا يشير النظام لامتناع الجامعات عن عقد انتخابات اتحاد الطلبة إثر وقفها قبل عامين بسبب الظروف الصحية لجائحة كورونا، أو أكثر من عامين بالنسبة للجامعات التي اتخذت قرارًا بحل المجلس وإلغاء الإنتخابات بسبب الاعتبارات عشائرية. إن الترجمة الحقيقية لمنع الملاحقة والتضييق عن الطلبة الحزبيين والناشطين سياسيًا ليست مجرد مادة تحظر هذه الممارسات بدون أدنى ضمانات، من أبسطها ضمان لجان تحقيق عادلة واستحداث قنوات شكوى آمنة وإعادة النظر في صلاحيات الضابطة العدلية وشروط المكرمة الملكية وملاحقة الطلبة آمنيًا وتعديل نظام تأديب الطلبة الذي يوقع بالطلبة عقوبات مغلظة.
أثبتت التجارب التاريخية لتعزيز سلطة الجامعة التعسفية أيًا كان شكلها أو اسمها مزيدًا من حالات الانفجار، حيث لم يستمر اول اتحاد طلابي تم تأسيسه في السبعينيات وثارت الكتل الطلابية على توجيهها للعمل ضمن جمعيات والنوادي الطلابية بسبب محدودية الصلاحيات. في احدى تصريحاتها، تشير اللجنة الملكية إلى أن النموذج الديمقراطي (الذي تسعى لإقراره) يجب أن يكون “ديمقراطية تناسب الأردنيين، فلا توجد دولة تشبه دولة أخرى في مسارها التاريخي نحو الديمقراطية”، لكن الحقيقة هي أن الديمقراطية التي ينص عليها النظام تناسب “حكومة الأردنيين”.