
منذُ أن أعلنت الجامعة الأردنية عام 2014 رفع رسوم ساعات برنامجيْ الموازي للبكالوريوس والدراسات العليا ما بين 100%– 180%، نظم الطلبة عشرات الفعاليات الاحتجاجية كان آخرها اعتصامًا مفتوحًا. اسقط الاعتصام قرار رفع الرسوم بعد تسعة عشر يومًا بلياليها، استمرت من 28 شباط حتى 17 آذار من عام 2016. ورغم أنّي لم أشهد تجربة الاعتصام ولم أشارك فيها، إلا أنني كنت أحد الطلبة المستفيدين من أبزر مخرجاته: ملف رديّات الطالب المتميز، لأن الإرادة الطلابية لم تسقط قرار الجامعة فحسب، بل أيضًا أعادت تعريف الحقوق وانتزعت خيارات لم تكن مطروحة على الطاولة.
أرفضُ شخصيًا تسمية هذا الحق “بمنحة الطالب المتميز”، لأن بنود الاتفاق التي توصل لها الطلبة المعتصمون مع مجلس أمناء الجامعة تشترط إجراء تخفيض بنسبة 50% على الرسوم التي أضافها المجلس عام 2014 للموازي، في حين يتم تحويل الطلبة المتميزين الذين يدرسون على البرنامج الموازي إلى البرنامج التنافسي، سعيًا لإلغاء نسبة ال50% بشكل غير مباشر، وأملاً في ضمان حق التعليم للطلبة بناءً على الكفاءة فقط.
التحقتُ بالجامعة الأردنية في البرنامج الموازي لتخصص القانون عام 2018، إذ تبلغ تكلفة ساعة التخصص 65 دينار، وتتراوح تكلفة الفصل الواحد 1000-1200 دينار بحسب ساعات الفصل. تمكنت من الاستفادة من ملف الطالب المتميز في الفصل الصيفي لعام 2020 حيث خضغت لسعر ساعة التنافس البالغة 16 دينار وحصلت على رديات تبلغ 730 دينار، تشكّل الفرق بين ساعة تخصص الموازي والتنافس مضروبة بعدد ساعات الفصل الذي استوفيت فيه الشروط.
دون الحاجة لتقديم أية طلبات، تم إدراج اسمي في قائمة الطلبة المتميزين، التي يُعلن عنها بشكل فصلي وتُرفع للمالية دوريًا لاستكمال دفع الرديّات عن طريق حسابات الطلبة في بنك القاهرة عمان، في حين أوكلتْ مهام دراسة مستقبل البرنامج الموازي ووضع أسس الطالب المتميز أكاديميًا إلى لجنة الطالب المتميز (الموازي) المنبثقة عن الاعتصام المفتوح.
تشمل أسس معاملة الطلبة المتميزين من البرنامج الموازي من حيث رسوم الساعات المعتمدة معاملة البرنامج التنافسي أن يسجل الطالب 15 ساعة على الأقل خلال الفصل، و أن لا يقل معدله في مواد التخصص خلال الفصل عن درجة الامتياز 3.65 من 4، أن يكون قد اتم دراسة فصلين دراسيين في الجامعة، وأن لا يكون الطالب قد أوقعت بحقه أي عقوبة تأديبية وفق التشريعات النافذة، وغير محكوم بجناية أو بجنحة مخلة بالشرف والأخلاق والاداب العامة.
تصبح هذه الأسس أكثر صعوبة على طلبة الطب وطب الأسنان، حيث اشترطت عليهم الأسس الاستفادة من الرديات على أساس سنوي، بحيث يسجل الطالب كامل الساعات الدراسية للسنة الدراسية الواردة في الخطة ويكون قد أنهى دراسة السنة الثانية وحقق معدل لا يقل عن 3.90. لم تكن هذه الشروط المحاولات الوحيدة التي سعت فيها الجامعة لتقليل شريحة الطلبة المستفيدين من رديات الطالب المتميز إلى الحد الأدنى.
في يناير 2021، تأخرت إدارة الجامعة بصرف ردّيات الطالب المتميز المستحقة عن الفصل الصيفي لمدة تجاوزت ثلاثة شهور، وأعلن الطلبة المتضررون ولجنة الطالب المتميز عن إقامة وقفة احتجاجية تم تعليقها بعد إعلان الجامعة صرف الرديّات بعد يومين، قبل الموعد النهائي لدفع رسوم الفصل الدراسي الثاني. بعدين شهرين، فوجئت القوى الطلابية بقرار مجلس الأمناء رقم (46\2021) الذي يقضي بتعديل جوهري على أسس وتعليمات الطالب المتميز، يَشترط إلزام الطالب بتسجيل ثلاثة مواد تخصص على الاقل ضمن الساعات الفصلية.
لم يكن هذا الشرط منصوصًا عليه في التعليمات المتفق عليها بين ممثلين الطلبة في لجنة الطالب المتميز وإدارة الجامعة، وعليه، رفعت القوى الطلابية (ممثلةً بالكرامة والنشامى وأهل الهمة والتجديد والعودة ولجنة الموازي) كتابًا إلى إدارة الجامعة يؤكد رفض هذا القرار، وخاطبت وزير التعليم العالي في كتاب آخر بعد تجاهل الجامعة لهم لمدة تتجاوز الشهر. في يناير 2022، قام مجموعة من الطلبة المتميزين بتوجيه إنذار عدلي إلى الجامعة الأردنية من خلال كاتب عدل محكمة شمال عمان، لمطالبة إدارة الجامعة رسمياً بصرف الرديات التي يستحقونها.
انعكس هذا القرار المفاجئ في حرمان شريحة طلابية من حقها وخلق حالة من انعدام “الأمن التعليمي” لدى الطلبة من يتخوفون صدور قرارات إضافية تستثنيهم وتنغّص عليهم استحقاقهم للرديات التي يدفعونها رسومًا للفصول القادمة. استغلت إدارة الجامعة الظرف الوبائي لجائحة كورونا وغياب الطلبة عن ميادين الجامعة من أجل فرض شروط جديدة لاستحقاق الرديّات وتجاهل الكتب الرسمية التي تم التقدم بها. ومع منع عقد انتخابات اتحاد الطلبة، أصبح من الصعب أكثر فأكثر المحافظة على إلتزام كل القوى الطلابية بتبني هذا الملف والدفاع عنه.
بعد أن تمكّن الطلبة المعتصمون عام 2016 من انتزاع حقهم في التعليم وهو الذي مكنني بدوري من ممارسة حقي بشكل طبيعي عام 2021، تبرز الحاجة الملحة لضرورة الحفاظ على إرث الاعتصام المفتوح واستكمال جهوده للاطاحة بالقرارات التي تمس الحقوق الأساسية، لأنّ الأهم من انتزاع قرار الطالب المتميز نفسه هو ضمان استمرارية تطبيقه بل وتحسينه ليشمل شريحة أوسع من الطلبة.