
في أبريل 2020، أعلنت رئاسة الجامعة الأردنية تأجيل موعد انتخابات اتحاد الطلبة حتى إشعار آخر بسبب الظروف الصحية التي عمت البلاد على خلفية جائحة كورونا. نص أمر الدفاع رقم 7 على اعتماد طرق وأساليب التعليم غير التقليدية التي تتم بالوسائل الإلكترونية أو التعليم عن بُعد في جميع مؤسسات التعليم العالي، في حين تخوّل المادة 37 من قانون الجامعات الأردنية الرسمية مجلس الجامعة بإصدار التعليمات الخاصة بأندية الطلبة وأي أمور أخرى تتعلق بأنشطتهم.
بررت رئاسة الجامعة الأردنية إعلانها تأجيل انتخابات اتحاد الطلبة “بالظروف الحالية التي يعيشها الوطن والجامعات”، رغم أن هذه الظروف لم تمنع الجامعة من ملاحقة الطلبة وتحويلهم للجان التحقيق على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال فترة التعلم الافتراضي.
بعد غياب دام أكثر من عام ونصف، عاد طلبة الجامعات الرسمية إلى التعليم الوجاهي وطالبت القوى الطلابية مرارًا بعقد انتخابات اتحاد الطلبة خصوصًا في ظل “عدم وجود أسباب تستدعي تعطيلها”. كانت جامعة اليرموك أول جامعة حكومية تعلن عن موعد عقد انتخابات اتحاد الطلبة للدورة ال29 في 16 آذار لعام 2023 بعد الانقطاع الذي رافق جائحة كورونا، لكنها عادت وأعلنت تأجيل عقدها حتى إشعار آخر. مؤخرًا، نشرت كتلة الكرامة بيانًا تذكر فيه أن عمادة شؤون الطلبة في الجامعة الأردنية تراجعت عن اتفاقها الشفوي مع ممثلي الكتل الطلابية بعقد انتخابات الطلبة الفصل الجاري، خصوصًا بعد شبهات إدارية ومالية في عقد انتخابات الأندية.
تستمر الجامعات في تأجيل عقد انتخابات الاتحاد تحت حجج مختلفة، أبرزها تعديل التعليمات وفقًا لنظام تنظيم العمل الحزبي في الجامعات والذي صدر ديسمبر 2022. يحدّ غياب الاتحاد من “تمثيل الطلبة لدى الجامعة وتبني قضاياهم لتحقيق مصالحهم” بحسب تعليمات اتحاد طلبة الجامعة الأردنية، كما يعطل عجلة القضايا الحقوقية والتنظيم الموحد والعملية الديمقراطية ويسهّل على الجامعات والحكومات تمرير قراراتها بدون اعتراض، مثلما حصل عندما ضاعفت جامعة اليرموك رسوم أربعة تخصصات تحت مُسمى إعادة الهيكلة.
يترتب على تأجيل عقد اتحاد الطلبة لأجل غير معلوم وبدون وجود أي مقترح بديل غياب الممارسة الديمقراطية الأبرز في الجامعات وقطع التواصل بين الكتل الطلابية نفسها، والجسم الطلابي والإداري في الجامعة، خصوصًا في ظل تراجع نضال الكتل الطلابية في الجامعات وغياب المظلة الموحدة المستقلة بعيدًا عن سلطة الجامعة والمؤسسات الرسمية مثل الاتحاد الطلابي العام.
ورغم أن المشاركة في العمل الطلابي ليس حكرًا على اتحاد الطلبة، لكن الاتحاد يمارس دورًا شرعيًا في تنظيم التحركات التي تضغط على إدارة الجامعة بشكل جمعي بشأن القضايا الملحّة. أثناء الجائحة، لم يتم تصدير أية موقف طلابي موحد فيما يتعلق بقضية سنة الإقامة الجبرية لطلاب الطب أو استرداد/ تخفيض الرسوم الجامعية مقابل التعليم عن بعد أو التسجيل قبل الدفع حيث قامت الكتل الطلابية بالتعبير عن موقفها في منشورات منفصلة لا تحمل أهداف ومطالب واضحة.
لم يتمكن الطلبة من تصدير موقف موحّد فيما يتعلق بقرارات مجحفة حول منع الزفات واحتفالات التخرج في عدة جامعات، وإيقاع العقوبات المغلظة بحق الطلبة المُحتفلين. ولم يكن هناك أي مشاركة طلابية في لجان التحقيق التي عقدتها عمادة الجامعة الأردنية لفصل عدد من الطلبة المزعوم تورطهم في العنف الجامعي، كما لم تنظم الكتل الطلابية أية وقفات حول مجزرة الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين واستقبال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في عمّان وإدانة وزارة الخارجية الاردنية لعملية خيري علقم البطولة في مدينة بيت حنينا المقدسية.
أحداث كهذه لم تكن تمر مرور الكرام في وجود اتحاد الطلبة، ولا تكفي بوستات وبيانات على صفحات الكتل هنا وهناك كرد فعل عليها. وجود الاتحاد هو وسيلة وليس غاية، لأن عقد الانتخابات وتشكيل المجلس ليس حلاً جميع القضايا الطلابية ولكنه الحد الأدنى من ضمان تمثيل الطلبة، في حين يترتب على الاتحاد المسؤولية الكبرى في الحشد لقضاياهم والدفاع عنها في ظل فترة تعاني فيها الكتل الطلابية من الفتور والتضييق، حيث غيّب التعليم عن بُعد الحياة الجامعية وحصر أدوار الكتل الطلابية بمحدودية منصات التواصل الاجتماعي والخيارات الرقمية غير المقترنة بالعمل الميداني.