
لا تخلو فترة إعلان العلامات على موقع التسجيل الذّاتي كلّ فصلٍ من بعض المشكلات، من يحالفه الحظّ تكون مشكلته بسيطة تتراوح بين أعطال الموقع وصعوبة دخوله وتأخّر نزول الرّموز والعلامات عن الموعد الأخير لنشرها، ومن لا يحالفه الحظّ تتوسَّع حدود مشكلته حتّى تصل إلى أخطاءٍ في العلامات، وحاجةٍ للمراجعة وزيارةِ الجامعة في أيّام العطلة. كنتُ من الفئة الثانية، ومع أنّني ظننتُ أنّها تجربة لن تتكرّر في مسيرتي الدّراسيّة إلّا مرّةً واحدةً، لكنّ الفصل الماضي كان كفيلًا لإثبات أنّها ليست كذلك، وعدتُ من جديد لخوض رحلة الاعتراض على العلامة.
إنَّ أول عائق يقف في وجه الطالب الذي يقرّر اتّخاذ خطوة مراجعة علامة والاعتراض عليها هي انعدام الثقة به، وتحميله المسؤوليّة الكاملة حتّى قبل الاستماع لمشكلته. “بتكوني انتِ مخربطة” أو “أبصر شو كاتبة بالامتحان” أو “هذا الدكتور مستحيل يخطأ أو يظلم”، هي أبسط التعليقات التي قد يسمعها الطالب من زملائه في التخصص أو الموظفين الإداريين، مع أنّ عملية الاعتراض على العلامة ليست جذابة أو سهلة لدرجة أنّ الطالب الجامعيّ قد يكون شغوفًا بخوضها قبل أن يكون متأكّدًا بنسبة كبيرة من احتمالية الخطأ والتي قد تُحل في غضون دقائق في حال كان المحاضر متعاونًا، أو لم يتردّد بمواجهة الطالب وعدم رفض الحديث معه.
لجأتُ في المرّة الأولى التي اعتقدت فيها بحصولي على علامة خاطئة للطريقة القانونيّة. بحسب الموقع الرسمي للجامعة، يحقّ للطالب الاعتراض على علامته في الامتحان النهائي خلال مدّة أسبوعي عمل من تاريخ إعلان النتيجة، على أن يملأ نموذج الاعتراض المتاح بشكل ورقي أو إلكتروني، مرفقًا بوصل مالي بقيمة 5 دنانير. قمتُ بهذه الإجراءات عبر التوجّه لأحد إداريي الكليّة ممّن سألوني عن سبب اعتراضي، ومن ثمّ وجّهني لتعبئة النموذج ببياناتي الأساسية حول اسم الطالب ورقمه الجامعي والكليّة والمادّة المعترضة على علامتها والمحاضر الجامعي.
الجامعة الأردنيّة هي واحدة من الجامعات التي تشترط رسوم بقيمة خمسة دنانير للبتّ في نموذج الاعتراض حتّى قبل صدور النتيجة، بعكس بعض الجامعات الحكوميّة التي تتيح تقديم الطلب بقيمة تتراوح ما بين 1-3 دنانير مثل جامعة مؤته وآل البيت. الأصل أنّ الطلبة يملكون هذا الحقّ بدون الحاجة لتكبد هذه التكاليف والتي تحدّ في بعض الأحيان من قدرتهم على مراجعة علاماتهم، أو أن تكون التكلفة على الأقل مرتبطة بأنّ الطالب كان مخطئًا. طالبَ الطلبة في مرّات عديدة بخفض هذه الرسوم إلى دينار واحد أو إلغائها بالكامل، بما فيها استقالة مجالس طلبة البلقاء التطبيقية عام 2019 احتجاجًا على سياسات الجامعة بما فيها رسوم الاعتراض.
بعد إتمام عمليَّة الدّفع في القبول والتسجيل وتقديم الطلب، أخبرتني الإدارية أنّ الكليّة ستعقد اجتماعًا بحضور دكتور المادّة وبعض الأكاديميين الآخرين تُعاد فيه قراءة إجابات ورقة الامتحان مقارنة بالإجابة النموذجيّة. الطالب، وهو المعني الرئيسي بالقضية، غير مخول بحضور الاجتماع أو معرفة تفاصيل حوله مثل هوية المحاضرين المشاركين أو حتّى التأكّد من عقد هذا الاجتماع من عدمه. إلى جانب ذلك، لم يُطلب منّي أيّ وسيلةٍ للتواصل في حال صدور نتيجة الاجتماع، وكان التعليق الأخير أن أكتفي بتفقّد موقع التسجيل الذّاتي لرؤية العلامة الجديدة في حال تمّ تعديلها.
انتظرت لأسابيع على أمل تعديل العلامة إذ لا يحدّد الطلب آلية للحصول على ردّ أو المدّة القصوى لإعلان نتيجة الاعتراض. وبعد عدم تعديلها، تعايشت مع نتيجة لا أستحقّها دون أن أعرف الخطأ في إجاباتي. ليس من المستحيل أن تتغيَّر العلامة، وأعرف بعض الطلاب الذين تكلّلت تجاربهم بالنجاح، لكنّي لم أكن واحدة منهم حتّى عندما اعترضت للمرة الثانية. في مادّة أخرى، لم أتوجّه لتعبئة النموذج وقمت بالتواصل مع الدكتور ورئيس القسم بعد أن حصلت على علامة صفر في إحدى الاختبارات القصيرة جراء خلل تقني أصاب الموقع. رغم أنّ المحاضر تعهّد بتصويب هذه العلامة أو إيجاد حل مرضٍ لي ولطلبة آخرين واجهوا نفس المشكلة حتّى لو كان هذا الحل إعادة الامتحان أو احتساب علامة امتحان آخر، إلّا أنّه امتنع عن ذلك فيما بعد ولم تتعدل العلامة حتّى الآن.
مستقبلًا أتمنّى أن لا أضطر للاعتراض على علاماتي، إذ تصعّب الإجراءات على الطالب المطالبة بحقّه، ولا تضمن مساءلة الدكتور الذي يرفض التواصل مع الطالب بالطرائق المتاحة سواء في ساعاته المكتبية أو عبر حسابه الرسمي في تطبيق “تيمز”. إنّ جميع الطلبة معرّضون لمواجهة هذه التحديات ومعظمها يمكن حلّها بقليل من التعاون بعيدًا عن “شخصنة الأمور”، وعندما لا تسير عملية الاعتراض بعدالة وسلاسة، فإنها تخلق مشاحنات تجعل الطالب مضطرًا لتفادي هذا المُحاضِر في مواد قادمة.