
هذا العام، شهِدت الجامعات الأردنية عشرات الإفطارات الرمضانية داخل الحرم الجامعي، كان أبرزها إفطار اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية الذي شهد أكبر عدد من المشاركين وصل إلى حوالي خمسة آلاف شخص ما بين طلبة الجامعة وضيوفها وموظفيها، بحسب ما نشرته صفحة الاتحاد الرسمية. كما عقدت بقية الكتل والقوى الطلابية إفطاراتها، وقد شهدت تنافسًا بينها في القدرة على حشد كوادرها الداخلية، واستهداف الرُعاة، وعموم الطلبة وحتى استضافة “مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي”.
من ناحية أخرى، أثار إفطار الاتحاد جدلاً بعد أن تتابعت شكاوى الطلبة ممّن انضموا له ولم يحصلوا على وجبة طعام واضطروا للعودة لبيوتهم جائعين، بحسب المنشورات التي تداولها بعض الطلبة. ورغم أنّ الهدف من الإفطارات الرمضانية في الجامعات يتجاوز الطعام نفسه، إلّا أنّ كثيرًا من الإفطارات الطلابية تفتقر لأدنى حدود التنظيم التي تجعل التجربة نوعية ومفيدة للطلبة.
تشمل تحديات تنظيم الإفطارات الترتيبات اللوجستية، فإذ تميل الجهات المنظِّمة لاستقبال عدد من الحضور بما يتجاوز قدرتها على إدارتها، ينتهي الحال بالفوضى العارمة التي تؤثّر على إدارة الفعالية. كثير من الطلبة الذين شاركوا في بعض الإفطارات قرروا أنّ هذه التجارب ستكون آخر عهدهم بالإفطارات الجامعية بعد أن تفاجؤوا بأنّ المكان غير مهيّأ لاستقبالهم، أو أنّ برودة الجو لم تؤخذ في عين الاعتبار عندما نُظّم الإفطار في الهواء الطلق، أو حتى بتجاهل أهم الاحتياجات مثل الماء والصابون والملاعق.
إلّا أنّ هذه التحديات تشمل أيضًا غياب المضمون، حيث لا تتجاوز بعض الإفطارات الرمضانية كونها مجموعةً من الأشخاص الذين يتناولون الطعام في مكان مشترك، وهو ما يجعل هذا الإفطار يفقد معناه “الطلابي” وإن كان الحضور من الطلبة. ولذلك، تنظّم بعض القوى الطلابية الإفطارات الرمضانية بأهداف محددة لزيادة انتشار أفكارها. وتعزّز بعض الإفطارات من الشعائر الإيمانية، وقيم التطوع، وتشجيع العطاء والتكافل الاجتماعي عبر دعوة الفتيان من الأيتام وأطفال الجمعيات الخيرية للحضور، في حين تستهدف إفطارات أخرى شريحة أوسع من طلبة الجامعة أو الكليات بغية استقطاب الأعضاء وتعريفهم على أنشطة الكتلة.
تفاوتت قدرات الكتل في تنظيم إفطاراتها والترويج لها وهو ما يخلق حالة من الاستعراض الإعلامي والتراشق بين الكتل، وفي حقيقة الأمر إنّ ما يزيد من جدوى الإفطار هو وجود الفقرات والفعاليات المنظّمة ضمن جدول الإفطار الزمني، وقد تكون هذه الفعاليات ثقافية أو توعوية أو أنشطة تتيح التفاعل بين الطلبة والاستماع لهم. ما يجعل الإفطارات الرمضانية الطلابية قيّمة ليس فقط نجاحها التنظيمي، ولا قدراتها الاستعراضية بمشاركة الصور الجوية التي تُظهِر أعداد المشاركين الكبيرة، بل بقدرتها كذلك على إتاحة مساحة بديلة بين الطلبة وإطلاق حوار لم يكن ليوجد لولا هذا الإفطار.
رصدت المدونة الطلابية ممارسات سلبية أخرى دفعت بعض الطلبة لفقدان الثقة ببعض القوى الطلابية، إذ تجمَع بعض الكتل رسوم الاشتراك في الإفطار من الطلبة رغم أنّ تكلفة الإفطار نفسه تكون مغطاة من الرُعاة والمتبرعين. لا يوجد ما يدعو للشك أو الاستياء في حال تعاملت هذه القوى الطلابية بشفافية مع المدعوين، خصوصًا أنّ استقلالية الحراك الطلابي يستدعي تطوير مصادر دخل شبيهة غير مشروطة، إلّا أنّ “استغفال” الطلبة هو ما يصبح إشكاليًا.
قد يكون شهر رمضان فرصة جيدة لتنظيم هذه الإفطارات وتعزيز أهدافها وأهميتها، إلّا أنّ بعض الكتل تفرغت بشكل تام للمنافسة في إقامة الإفطارات الرمضانية بدلاً من التفكير بخيارات أوسع من الأنشطة والتحركات التي تتزامن وتستجيب لتصاعد وتيرة الأحداث وعودة الحرب على غزة ولبنان واليمن، وغياب الموقف التام والتحركات الوطنية للكتل الطلابية في أغلب الجامعات. جدير بالذكر أنّ بعض الإفطارات الطلابية قد نُظِّمت بطابع ثقافي ووطني أو شهدت إطلاق دعوات تبرعٍ للإغاثة الإنسانية في غزة.