مدونات الطلبة

طرق الموت: مواصلات طلبة الجامعة الهاشمية

مجموعة من طلبة الجامعة الهاشمية في انتظار الحافلة

اخرج يوميًا من منزلي في منطقة جبل النصر قبل ثلاثة ساعات من موعد أول محاضرة، متوجهًا لمجمع رغدان حيث ينتظر الطلبة الباصات ويتزاحمون عليها من أجل مقعد ما أو حتى “الركوب على الواقف”. عندما يزدحم الباص حد الاختناق، يتحرك السائق دون أدنى اهتمام بسلامة الطلبة مسرعًا على الطرق وملتفظًا بالعبارات النابية، في حين نتابع نحن حالة الباص المرثية واهتزازاته المخيفة أملًا في انتهاء الرحلة التي تتكرر وقت العودة. 

تعاني مواصلات طلبة الجامعة الهاشمية من تعّطل الحافلات على الطرق، وانفجار الإطارات أثناء سير الحافلة، والثقوب في سقف الحافلة مما يتسبب بتسرب ماء المطر من خلالها، واهتراء المقاعد، وتهور السائقين في القيادة بسرعات مرتفعة، وقلة توفر الحافلات في نقاط الانطلاق من وإلى الجامعة والعديد من المشاكل الأخرى التي تؤثر علينا كطلبة وتستهلك طاقاتنا وأوقاتنا وصِحتنا، حيث يتنظر الطلبة في طوابير طويلة في ما لا يقل عن ساعتين يوميًا من أجل مشوار الذهاب للجامعة، وهو ما ينعكس في وصولهم المتأخر و/أو ارهاقهم الشديد. 

جميع هذه اللحظات والمشاكل وثقها الطلبة في صور وفيديوهات تداولوها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن رحيل طالبة الجامعة الهاشمية، شهيدة العلم، قمر الجعبة، واصابة ٤٠ طالبًا، قبل ثلاثة أعوام إثر تدهور حافلة تابعة للجامعة الهاشمية كانت التوثيق الأشد قسوة. فُجع والدي قمر بابنتهما بعد أن كانا في انتظارها آخر يوم جامعي طويل، لكنها يومها لم تعد أبدًا، وثارت حفيظة الطلبة الذي احتجوا على ظروف النقل، متوقعًا كلٌ منهم أن يكون هو الضحية القادمة. وقف حينها رئيس الجامعة الهاشمية الأستاذ الدكتور فواز عبد الحق الزبون في يوم صلاة الغائب عن الطالبة قائلًا: “سيتم حل مشكلة المواصلات بشكل جذري”، وهو ما لم يرى النور حتى اللحظة. 

في آخر تصريح للجامعة حول اعتراض الطلبة على واقع المواصلات وتداول صور انفجار العجلات، بدلاً من أن تقوم الجامعة بتحمل المسؤولية وتحسين الخدمات والبدء باجراءات عملية، إلا أنها قامت بنشر بيان عبر صفحتها الرسمية على “الفيس بوك” تنص فيه: “الجامعة الهاشمية هي مؤسسة تعليمية مسؤوليتها تنحصر في التعليم والبحث العلمي وليس من بين غاياتها النقل”، معتبرةً أن المسؤولية تقع بالكامل على هيئة تنظيم قطاع النقل. وهو حتى اذا افترضناه صحته، فالجامعة بالحد الأدنى هي التي تتحمل عبء مسائلة هذه الهيئة وخدماتها المتردية. 

حاولت القوى الطلابية سابقًا عبر مجلس الطلبة الخامس عشر بمتابعة هذا الملف المتجدد، نظموا الوقفات الاحتجاجية والإضرابات عن ركوب الباص والسير على الأقدام من الجامعة حتى مجمع رغدان وحتى البقاء بالجامعة والمبيت فيها. اختتمت مساعيهم حينها باجتماع للطلبة مع المعنيين من إدارة الجامعة، مندوبين من إدارة السير ومندوبين عن هيئة تنظيم النقل البري، من دون أن يثمر ذلك بحلول حقيقية وجذرية. في أكتوبر 2022، حاولت القوى الطلابية الاجتماع مع المسؤولين من الجامعة وهيئة تنظيم النقل البري، وأعدّ بعضها ملفًا حول تجارب الطلبة في مشاكل المواصلات، ونظموا وقفة احتجاجية تندد بالوضع المأساوي للمواصلات.

إن استمرار هذه الحالة يعني أن ازدياد عدد الضحايا هي مسألة وقت فقط خصوصًا في ظل ارتفاع عدد الحوادث في فصل الشتاء وتنصل الجامعة والجهات الحكومية من المسؤولية حتى فيما يتعلق بالاعتراف بالمشكلة ونشر الاتفاقيات الموقعة. يتعين على الطلبة حتى تحقيق ذلك تنظيم أنفسهم بشكل أفضل من أجل تحركات تصعيدية لا تقبل بالتجاوزات ولا تتوانى عن نشر المشاكل. 

زر الذهاب إلى الأعلى