
شهد العالم هذه الفترة أشدّ الأيام حرارةً في تاريخ الكوكب، انعكست بموجة حرّ غير مسبوقة تجاوزت 50 درجة مئوية في بعض الدول العربية. وفي الأردن، وصلت بعض المحافظات إلى 40 درجة مئوية، خصوصًا تلك التي تمتاز بمناخ صحراوي مثل المفرق وحيث تقع جامعة آل البيت الحكومية. منذ بدء الفصل الصيفي لهذا العام، بدأ الطلبة يعبّرون عن استيائهم من غياب المراوح وأجهزة التكييف والمظلات التي قد تحفّف عنهم ارتفاع درجات الحرارة في مرافق الحرم الجامعي.
على مجموعات الفيسبوك، يتشارك الطلبة في مبنى البيروني والبخاري وكلية الشريعة وكلية العلوم المعاناة نفسها، ويجمعون كلّهم على أنّ “الطلاب فقعت بكلية الآداب”، وهي الكلية الأسوأ حالًا من ناحية توفّر المراوح. في مجمع قريش حيث أتلقّى محاضراتي، يوجد بعض أجهزة التكييف التي نقوم بتشغليها، لكنّها عندما تكون معطلة، أنضمُّ -بعد انتهاء محاضرتي- إلى عشرات الطلبة الذين يتخذون من كليتي الاقتصاد والهندسة ملجأ في الحر لأنّهما تحتويان على مكيفات بخلاف بقيّة الكليات.
تفتقر الجامعة للمساحات الخضراء أيضًا حيث يمكن للطلبة أن يستظلّوا بالأشجار، عدا عن أنّ ممراتها تخلو من المظلات ويضطر الطلبة لقطع مسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة ما بين المحاضرات في الكليات المختلفة. ولذلك، تعمّدتُ اختيار مواد هذا الفصل لتكون جميع محاضراتي في نفس المبنى، لكن ذلك لم يمنعني من رؤية معاناة زملائي المجبرين على التنقل من مبنى إلى آخر من أجل حضور محاضراتهم، حيث يكونون عرضة للإغماء والرعاف وضربات الشمس.
لأنّ هذه الأزمة لم تكن معاناتي وحدي، دعا طلبة جامعة آل البيت منتصف حزيران إلى إضراب عن المحاضرات يطالبون فيها الجامعة بتأهيل مرافقها حتّى تصلح للاستخدام البشري في فصل الصيف، خصوصًا بعد شعورهم بالإحباط جراء عدم استجابة إدارة الجامعة لشكاويهم الشفوية أو تفاعلها مع منشورات الطلبة المتزايدة والتي بدأت منذ مطلع حزيران. ما يعمّق هذا الاستياء هو غياب الجهة الأبرز التي تمثل الطلبة وقضاياهم. منذ تسع سنوات، تمتنع إدارة جامعة آل البيت عند عقد انتخابات طلابية، وتنحصر صلاحيات الكتل الموجودة في عقد بعض الانشطة والفعاليات التي تسمح بها العمادة.
بتاريخ 14 حزيران، نشرت الجامعة عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك بيانًا خجولًا لا يتناسب مع حجم المشكلة ولا يقدّم وعودًا واضحة وجادّة تتجاوز تخدير الغضب الطلابي. يقول البيان أنّ “الجامعة قد بدأت مباشرة بالعمل في عدد من الكليات والمباني والقاعات والمجمعات التدريسية لتأمين المراوح مبدئيًا، والعمل على تركيب البرادي لكثير من القاعات وبالتسلسل، حيث إن العمل سيتم غدا السبت (15 حزيران) في تجهيز ما أمكن”. مع أنّ فصل الصيف لم يأتي على حين غرة، أي أنّ هذه الإجراءات من الجدير البدء بتنفيذها قبل دوام الصيفي، حتّى يتمكّن الطلبة من التعلّم في بيئة آمنة ومناسبة، إلّا أنّها جاءت متأخرة وغير دقيقة.
لا يعرف الطلبة اليوم إن كانت الجامعة ستلتزم بوعودها أم لا، ولا يعرفون أيضًا “العدد” الذي تتحدث عنه الجامعة أو “القاعات” التي ستبدأ بتأمينها بالمراوح. الأهمّ من ذلك، أنّ جامعة آل البيت والتي تأسست عام 1993 ما زالت بعض نوافذها تفتقر للستائر التي تحجب أشعة الشمس في حين تطلق الجامعة خططًا ترويجية لاستقطاب الطلبة الدوليين، تحت شعار “آل البيت نحو العالمية” أو “حرم الجامعات الخضراء الذكية”، وهو ما لا يتوافق البتة مع الواقع الذي يعيشه الطلبة يوميًا.
يعتقد البعض أنّ فصل الشتاء فحسب يشكل أزمةً للطلبة بسبب هشاشة البنية التحتية وانعدام التدفئة وظروف السكنات الجامعية، لكن درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف لا تقل حدةً عن ذلك. لا تتحمّل الجامعات فحسب مسؤولية صيانة المراوح والمكيفات المتعطلة، وتأمين بقية المباني بستائر وأجهزة جديدة، وتأهيل الطرقات والممرات وساحات تجمّع الطلبة بالمظلات، وزراعة مساحات أوسع من الأشجار، ورش الحشرات والذباب التي تنتشر في فصل الصيف، إذ أنّ مجلس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هو الجهة الرسمية المسؤولة عن مراقبة الجامعات الأردنية وجودة تعليمها ومرافقها.