مدونات الطلبة

“شو الدوا اللي بدك ياه؟”: المركز الطبي في آل البيت

بيسان الفيومي

مركز ابن النفيس الطبي الواقع نهاية الشارع المقابل لمبنى الرئاسة في جامعة آل البيت، الحراك 2023

احتجّت القوى الطلابية في جامعة آل البيت عام 2018 على إغلاق المركز الصحي الوحيد في الجامعة منذ أكثر من ثلاث سنوات، مؤكدين على حقهم بالعلاج داخل الحرم الجامعي. بعد ثمانية أشهر من المطالب التي حملت شعار “بدنا مركز صحي لجامعتنا” وشاركت فيها الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا”، افتتحت الجامعة مركزًا صحيًا شاملاً لتقديم خدمات الرعاية الصحية للطلبة والعاملين في الجامعة بالتعاون مع مديرية صحة محافظة المفرق، وبرر رئيس الجامعة حينها، ضياء الدين عرفة، الإغلاق “بوجود اتفاقية مع وزارة الصحة شابها بعض الاختلالات القانونية”. 

بعد خمس سنوات من الافتتاح، ما زال المركز الصحي في الجامعة لا يرقى لتقديم الخدمات الطبية الأساسية التي قد يحتاجها طلبة الجامعة، نظرًا للتحديات التي رصدتُها بشكل شخصي من خلال زياراتي المتكررة للمركز وشهادات زميلاتي، ما بين صعوبة الإجراءات ورداءة التشخيص وبُعد موقع المركز الطبي. يتمتع الطلبة بحقهم في العلاج الجامعي بموجب نظام التأمين الصحي لطلبة الجامعات الأردنية وتعليمات جامعة آل البيت. يحق لطلبة الجامعات تلقي الرعاية الصحية اللازمة والاستفادة من خدمات التأمين الصحي وزيارة العيادات والمراكز الطبية داخل الجامعة والمعتمدة خارجها طالما يقوم الطالب بدفع الرسوم الجامعية ويحمل بطاقة جامعية سارية المفعول. 

يتكون المركز الطبي في الجامعة من مبنى واحد تستقبلك فيه مقاعد معدنية للانتظار. على شمالك، تتواجد الصيدلية وإلى جانبها ممر، فيه غرفة “المعاينة” أو “الاختصاص”. يملأ الطلبة ورقة ببياناتهم قبل الدخول للغرفة التي تحتوي ثلاثة أسرّة محاطة بستارة زرقاء على جانبيها مكتب الطبيبة ومغسلة. بحسب تجربتي كطالبة في السكن الجامعي وحاجتي المتكررة لخدمات الرعاية الصحية، يعمل في المركز شخصان فقط، هما الطبيبة والمنسقة الإدارية التي تساعد الطلبة في ملء الطلبات أو تنظيم دور الانتظار، ويمتد متوسط ساعات عمل المركز إلى خمس ساعات بحد أقصى، تمتد غالبًا ما بين التاسعة صباحًا حتى الثانية ظهرًا.  

رئيس جامعة آل البيت في زيارة تفقدية لمركز ابن النفيس الطبي وكوادره مع افتتاح المركز في آذار 2019، موقع جامعة آل البيت

توجهت في السنة الثانية من دراستي عام 2022 إلى دائرة الخدمات والرعاية الطلابية في عمادة شؤون الطلبة لاستصدار بطاقة تأمين صحية تشبه الهوية الجامعية من أجل مراجعة المراكز الصحية المعتمدة، إلا أنهم دعوني للاكتفاء بفتح صفحتي على بوابة الطالب وبطاقتي الجامعية من أجل الاستفادة من خدمات المركز التي لا يعلم عنها سوى شريحة محدودة جدًا من الطلبة. لم تفلح هذه الطريقة في زيارتي لمستشفى ماركا التخصصي الإسلامي المُعتَمد لخدمة طلبة جامعة آل البيت بحسب موقع الجامعة، إذ دعوني لمراجعة الجامعة مجددًا وجلب “تحويلة” من المركز الطبي أخبرتني موظفة المركز أنها “لا تعرف عنها شيئًا”. 

حظيتُ في إحدى المرات بدخول غرفة الطبيبة وإخبارها بمشكلتي الصحية أمام ستة طالبات كنّ موجودات في الغرفة على الأسرّة أو في انتظار دورهن، لم أمانع شرح توعكي الصحي جراء نقص الحديد الذي أعاني منه، لكن ماذا لو كانت مشكلتي أكثر خصوصية؟. تستقبل الطبيبة الطالبات “بالجملة” نظرًا لقلة الكوادر الطبية وسوء التنظيم وقلة ساعات الدوام، وتمنح كل واحدة منهن بالحد الأقصى ستون ثانية تختتمها قائلة: “شو الدوا اللي بدك ياه؟”. تحتوي صيدلية المركز الطبي على أدوية محدودة أبرزها خافضات الحرارة ومسكنات الألم والصداع، لكنها لا توفر أدوية مثل بخاخ الربو أو آلام المعدة الشائعة بين الطلبة. 

ربما تكون هذه المشاكل مشتركة ما بين طلبة الجامعات الأردنية في الاستفادة من خدمات الرعاية الصحية في المراكز الطبية، وهو ما يشير لضرورة تنظيم تحرّك مشترك من شأن وزارة التعليم العالي فرض الرقابة فيه على المراكز وإدارتها. إلا أن مشكلة كبرى لا يواجهها إلا طلبة آل البيت هي المسافة الطويلة التي يضطر الطلبة لقطعها وصولاً للمركز المتاح لفترة قصيرة جدًا، مقارنة مع احتياجات طالبات السكن والتي تصبح ملحة غالبًا خلال أوقات متأخرة من الليل. 

إن زيارة المركز الصحي خلال أوقات الدوام أمر شبه مستحيل، إذ تستغرق مدة الوصول للمركز الواقع نهاية الشارع المقابل لمبنى الرئاسة حوالي ساعة (ذهابًا وإيابًا) قد تفاقم الوضع الصحي للطالب الذي يقطعها سيرًا على الأقدام. حتى لو لجأ الطالب لزيارة المركز قبل محاضراته أو بعد انتهائها، فإن المركز غالبًا ما يكون مغلقًا، وهو ما يعني الحاجة “للتفرغ ليوم كامل” من أجل تلقي العلاج. لم يحلّ إعادة افتتاح المركز هذه التحديات ولا أشعر كطالبة بالثقة في الخدمات الطبية المتاحة إذ استغنيت عنها بحمل شريط “بنادول” في حقيبتي وانتظار نهاية الدوام من أجل مراجعة طبيب خاص. 

زر الذهاب إلى الأعلى