
قبل أن يأتي الطلبة للحرم الجامعي، وقبل أن يُقام الحرم الجامعي أصلًا، كانت القطط. أُنشئت الجامعة الأردنية على مستنبت الجبيهة شمالي العاصمة وبمساحة 1200 دونمًا، أرض خضراء واسعة وأشجار معمّرة كثيفة ومساحة مثالية حيث تتواجد القطط في بيئتها الطبيعية. في الجامعة، أفنت القطط سنواتها المديدة وأرواحها السبعة في كسب لقمة العيش، مقدّمةً للطلبة والبشرية أفضلَ خدمةٍ مجانية ممكنة، وهي تخليصهم من القوارض والفئران.
شكّلت القطط الملجأ الحاني لمئات الطلبة من مربّي القطط الذي لا يستطيعون جلب قططهم المنزلية معهم إلى الجامعة، إذ يعيق الدوام الطويل وتعليمات دخول القاعات وكذلك الرهاب المرضي الذي يعاني منه بعض الطلبة إحضار القطط الشخصية إلى الجامعة. في أوقات الفراغ، يتصل هؤلاء الطلبة مع معشر القطط المتجولين في المسطح الأخضر، وعلى مقاعد الباحات وفي محيط الكليّات.
تضيف القطط البهجة لحياة بعض الطلبة، وتخفّف عنهم ضغط الالتزامات الدراسية، كما علّمت القطط الطلبة عشرات الخصائل الحميدة، على رأسها النشاط، إذ لا يقوى بعضهم على السير ما بين الكليّات داخل الجامعة، وتنظيم الوقت، فالقطط تعرف -بدون مساعدة- موعد الغداء في مطعم الجامعة الرئيسي. وبالحديث عن الغداء، فإنّ واحدة من الامتيازات الكثيرة التي تحظى بها القطط في الحرم الجامعي هي الحصول على الأكل المجاني، إلى جانب النوم في أي مكان وأي وقت، ودخول الجامعة دون اعتراض الأمن الجامعي، وقدرة القطط على جلب أصدقائها للجامعة، وهو امتياز قد لا يحظى به الطلبة أنفسهم.
تحبّ القطط العلم، ولذلك تجد بعضها يقضي الساعات خلف شبابيك القاعات مستمعًا لإحدى المحاضرات، وممّا يجعلنا نعتقد أنّ القطط معنيّة بالمعرفة أكثر من العلامة، هو أنّها غير مضطرة لدفع رسوم الساعات لحضور أي من المحاضرات أو حتى إعادتها. ورغم كل ذلك، كانت القطط عرضة لبعض الممارسات السلبية، والتي كان آخرها قيام اتحاد طلبة كليّة الشريعة بإخراج جميع القطط من المصلى إلى خارج الجامعة بعد شكاوى وردتهم حول النظافة العامة.
علّقت قائمة مياوو- حزب القطط على الحادثة قائلة إنّ القطط في الإسلام حيوانات طاهرة إذ نصّت أحاديث السنة النبوية على طهارتها وجواز اقتنائها وتربيتها ودخولها البيوت والمساجد، وقال النبي محمد ﷺ إنّها من الطوافين والطوافات في البيوت، وكان يتوضأ من الماء الذي شربت منه القطة وعدّه طاهرًا. ولذلك فإنّ القائمة تستغرب “أن يصدر هكذا تصرف عن طلاب يفترض بهم أن يقتدوا بسنّة النبي في معاملته للقطط”، خصوصًا أنّ إخراجها من الجامعة قد يعرّضها لتغيّر البيئة والمرض.
يتفق بعض طلبة الشريعة مع هذا الطرح، مؤكّدين أنّ القطط تملك صلاحياتٍ أوسع من الطلبة في دخول الجامعة والخروج منها، قائلين إنّ كليّتهم، إلى جانب كليّتي الطب والعلوم، هي الكليّات الأكثر دعمًا وحبًّا للقطط. يُذكر أنّ قائمة مياوو- حزب القطط انطلقت حزيران الماضي بالتزامن مع عقد انتخابات اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية، ويتجاوز هدفها تمثيل القطط في اتحاد الطلبة إلى “الدفاع عن أي بسة بتواجه مشكلة” وتسليط الضوء على السلوكيات المسيئة للقطط، وتحسين جودة الأكل في مطعم الجامعة.
لم تكشف القائمة التي تلقى قبولًا واسعًا بين الطلبة بعد عن مرشّحيها أو أعضائها، إلّا أنّ حوارًا حصريًا أجرته المدونة الطلابية مع المتحدّث الرسمي باسم قائمة مياوو عرفنا منه أنّ القائمة تنوي تنظيم فعاليات مستقبلية لمحبّي القطط، حيث يتمكّن الطلبة من جلب قططهم -ولو بعد ساعات الدوام- من أجل التعارف والمشاركة في تكريم بسيط وتبادل الطعام الشهي. أمّا فيما يتعلّق بالطلبة الذين يعانون من رهاب القطط أو “الفوبيا”، فجلّ ما تطلبه القائمة منهم هو “معاملة القطط باحترام” وتجنّب الاقتراب منها.