مدونات الطلبة

عن دراسة تخصص القانون في آل البيت

عدي العليمات

مدخل كلية القانون في جامعة آل البيت (بدون حرفي النون والواو)، تصوير عدي العليمات 2023

أنهيتُ الثانوية العامّة التي كانت أشبه بحرب نفسيّة بمعدل 93% في الفرع الأدبيّ، معتقدًا أنّي أنهيت أصعب المراحل في حياتي الأكاديمية، فالجملة الأشهر في حياة أي طالب توجيهي في الأردن هي: “اتعب هسا ترتاح بعدين”. نعم لقد وجدتُ الجزء الأوّل من الجملة، لكنّني ككثير من الطلبة، ما زلت أبحث عن الجزء الآخر. ترددتُ في البداية في اختيار التخصص الجامعيّ الذي سأدرسه، بالتحديد عندما كنت أفكّر في نسب البطالة المرتفعة في معظم التخصصات. رغم أنّ البعض كان يوجّهني لاختيار تخصصات غير راكدة، لكن إجابتي كانت: من سيضمن أن يبقى التخصص كذلك بعد أربع سنوات؟

اخترتُ دراسة تخصص القانون في جامعة آل البيت لاعتقادي بأنّ التخصص ضروري ومطلوب في كلّ القطاعات والمجالات الحكوميّة والخاصة والمدنيّة. كما تأثّرت بشكل شخصيّ بتجارب رموز عالميّة طالبت بالعدالة ومناهضة الفصل العنصريّ من أمثال نيلسون مانديلا. الأهم من ذلك كلّه هو شرف الدفاع عن الكثير من المظلومين، وهذه ليست حالة رومانسيّة لطلبة القانون في سنواتهم الأولى، بل قرار مهنيّ وأخلاقيّ يصنعه كلّ شخص في مسيرته.

أمّا عن جامعة آل البيت، فكانت الخيار الأوّل لي نظرًا لقربها من مكان سكني في المفرق، حيث تبعد عشرة دقائق بالسيارة، لكن ذلك لم يمنعني من رؤية معاناة زملائي وزميلاتي ممن يرتادون الجامعة باستخدام المواصلات العامّة. واحدة من أشهر المغالطات حول جامعة آل البيت هو أنّها غير معتمدة دوليًا وغير معترف بها في دول الخليج، مع أنّ السعودية أعلنت اعترافها الرسميّ بالجامعة منذ 2016، وتستضيف الجامعة حوالي 200 طالب من مختلف الجنسيات العربيّة والأجنبيّة.

لم تعتمد معظم الآراء التي وصلتني حول التخصص واختيار الجامعة على تجربة شخصيّة بل آراء عامّة وتقليديّة يتم تداولها. أخبروني أنّ “التخصص ماله مستقبل” أو “هيهم المحاميين قاعدين” وهي تعميمات يمكن إطلاقها على مختلف التخصصات. عندما دخلت الجامعة، لم يكن هناك من يقوم بإرشادنا، مثلما هو الحال في بقية الجامعات الأخرى، وهو ما أعزوه لغياب العمل الطلابيّ ومنع انتخابات اتحاد الطلبة منذ تسعة أعوام في جامعة آل البيت.

مع أنّ كلية القانون تأسست عام 2003، أي بعد أحد عشر عامًا من تأسيس الجامعة عام 1992، إلّا أنّ مبنى الكلية حيث أتلقّى كلّ المحاضرات قديم ومتشقّق الجدران التي لا يبدو أنّها تنال الصيانة اللازمة. لا تعتبر دورة المياه الموجودة في المبنى صالحةً للاستخدام ولا يوجد فيه مختبر حاسوب مثل بقية مباني الجامعة. ولذلك، أخبرنا عميد الكلية سامر الدلالعة بأنّه سيتم نقل المحاضرات لمبنى آخر في بداية الفصل القادم الذي يبدأ 26 شباط 2023.

لم تخلُ تجربتي في التخصص من بعض التحديات، تفاجأ الطلبة منذ الفصل الأوّل بتغيير الخطة الدراسيّة المعتادة للكلية، حيث طُرحت مادة القانون الدوليّ العام لطلبة السنة الأولى رغم أنّها مادة تدرّس لطلبة السنة الثالثة، نظرًا لأنّ الجامعة هي من تختار أوّل جدول دراسيّ للطالب. كانت هذه المادة في غاية الصعوبة وتسببت في إرباك الطلبة وتخوّفهم من التخصص، وهو ما انعكس في انخفاض العلامات ونسبة رسوب مرتفعة.

لمستُ في الجامعة المعرفة الواسعة للمحاضرين والمحاضِرات في تخصصي، ممن يحمل معظمهم درجة الأستاذية. مثلما لحظتُ السعر المرتفع للكتب المقررة، إذ تبلغ تكلفة أقلّ كتاب في تخصص القانون عشرة دنانير. ربما قد يبدو من المبكر على طالب في السنة الأولى تقديم النصائح، لكنّني نقلًا عن دكتوري في الجامعة، أقولُ لطلبة القانون والراغبين في دراسته: إنّ الجامعة ليست إلّا مدخلًا للعلم، في حين عليك أن تكمل الطّريق وحدك.

زر الذهاب إلى الأعلى